كتاب السلوك في طبقات العلماء والملوك (اسم الجزء: 1)
الدُّنْيَا إِمَّا بِحَق لَا يتَوَجَّه أَو بباطل لَا يَنَالهُ وَلَوْلَا أَن أسأَل عَنْكُم لهربت مِنْكُم وأصبحت الأَرْض مني بَلَاقِع ومضيت لشأني
وَلما جرحه العلج وَأدْخل إِلَى منزله اجْتمع النَّاس عِنْده وَجعلُوا يثنون عَلَيْهِ بِالْخَيرِ فَقَالَ هَؤُلَاءِ بَين رَاغِب وراهب وَلما قيل لَهُ اسْتخْلف قَالَ لَا أتحمل أَمركُم حَيا وَمَيتًا وددت الكفاف لَا عَليّ وَلَا لي وَلما قَالَ لَهُ الطَّبِيب أوص أَمر ابْنَته حَفْصَة إِلَى عَائِشَة تسألها الْإِذْن فِي دَفنه مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَاحبه فَأَذنت ثمَّ لما أَيقَن بِالْمَوْتِ أَمر ابْنه عبد الله أَيْضا إِلَى عَائِشَة يستوثق مِنْهَا بِالْإِذْنِ فَأَذنت ثمَّ جعل أَمر الْمُسلمين شُورَى فِي سِتَّة نفر من الْعشْرَة الَّذين شهد لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْجنَّةِ وهم عُثْمَان وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَسعد وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَأخرج ابْن عَمه سعيدا رَضِي الله عَنْهُم وَلم يكن بَقِي من الْعشْرَة غَيرهم وَأمر صهيبا الرُّومِي أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ إِلَى أَن يتفقوا على إِمَام لَهُم ثمَّ توفّي سلخ الْحجَّة سنة ثَلَاث وَعشْرين وعمره خمس وَخَمْسُونَ سنة وَقيل ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة وَمُدَّة خِلَافَته عشر سِنِين وَسِتَّة أشهر وَسَبْعَة أَيَّام ثمَّ دفن مَعَ صَاحِبيهِ وَجعل رَأسه بِإِزَاءِ كتف أبي بكر وَكَانَ هُوَ الْقَمَر الثَّالِث فِي رُؤْيا عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
وَفِي اجْتِمَاعهم قَالَ حسان بن ثَابت ... ثَلَاثَة برزوا لسبقهم ... فِي نَصرهم لرَبهم إِذا بروا
عاشوا بِلَا فرقة حياتهم ... ثمَّ الْتَقَوْا فِي الْمَمَات إِذْ قبروا
فَلَيْسَ من مُسلم لَهُ بصر ... يُنكر فضلا لَهُم إِذا ذكرُوا ... ثمَّ اتّفقت كلمة أهل الشورى على اسْتِخْلَاف عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف فأبقى الْعمَّال على حَالهم وَلم يزل عُمَّال الْيمن خُصُوصا يعلى وَابْن أبي ربيعَة بمخلافي الْجند وَصَنْعَاء
الصفحة 170