كتاب السلوك في طبقات العلماء والملوك (اسم الجزء: 1)

الزبير فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ لمضي ثَلَاثَة أشهر مِنْهَا واسْمه عبد الله وكنيته أَبُو بكر وَكَانَ فِي أَيَّام يزِيد تَخْلِيط كثير وَلم يكن من الْحُسَيْن وَلَا من ابْن الزبير هَذَا بيعَة فَقتل الْحُسَيْن كَمَا قدمنَا وغزا الْمَدِينَة فَقتل بهَا خلقا كثير من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار حَتَّى لم يكد يبْقى بهَا أحد مِنْهُم وَهِي تسمى غَزْوَة يَوْم الْحرَّة وَكَانَت ثَالِثَة من وقائع الْإِسْلَام وخرومه لِأَن أفاضل الْمُسلمين وَبَقِيَّة الصَّحَابَة وأخيار التَّابِعين رَضِي الله عَنْهُم قتلوا ذَلِك الْيَوْم فِي الْحَرْب صبرا وظلما وعدوانا وجالت الْخَيل فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وراثت وبالت فِي الرَّوْضَة بَين الْقَبْر والمنبر وَلم تصل جمَاعَة فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ الْأَيَّام وَلَا كَانَ بِهِ أحد حاشا ابْن الْمسيب فَإِنَّهُ لم يُفَارق الْمَسْجِد وَلَوْلَا شَهَادَة مَرْوَان بن الحكم وَعَمْرو بن عُثْمَان لَهُ أَنه مَجْنُون عِنْد مقدم الْجَيْش وَهُوَ مجرم بن عقبَة لقَتله وَبَايع مجرم الْمُسَمّى مُسلم النَّاس ليزِيد على أَنهم عبيد لَهُ إِن شَاءَ بَاعَ وَإِن شَاءَ أعتق وَذكر لَهُ بَعضهم أَنه يُبَايع على كتاب الله وَسنة رَسُوله فَأمر بقتْله صبرا ونهبت الْمَدِينَة ثَلَاثَة أَيَّام وَمَات مجرم بعد أَن خرج من الْمَدِينَة بأيام وَمَات يزِيد بعد ذَلِك بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أشهر وأزيد من شَهْرَيْن وَذَلِكَ فِي نصف ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ مدَّته ثَلَاث سِنِين وَثَلَاث أشهر
وَقد صَار الْأَمر لِابْنِ الزبير بالحجاز واليمن وخراسان على بيعَة ابْن الزبير حاشا شرذمة من الْأَعْرَاب بالأردن فَوجه إِلَيْهِم ابْن الزبير مَرْوَان بن الحكم
فَلَمَّا ورد الْأُرْدُن خلع ابْن الزبير فَكَانَ أول من شقّ عَصا الْمُسلمين بِلَا تَأْوِيل وَلَا شُبْهَة وَبَايَعَهُ أهل الْأُرْدُن وَخرج على ابْن الزبير وَقتل النُّعْمَان بن بشير أول مَوْلُود فِي الْإِسْلَام من الْأَنْصَار صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بحمص وتغلب على مصر وَالشَّام فَمَاتَ بعد عشرَة أشهر من ولَايَته فَقَامَ ابْنه عبد الْملك مقَامه وَبقيت فتْنَة حَتَّى قوي أمره وَبعث الْحجَّاج لِابْنِ الزبير فحاصره وَرمى الْبَيْت بِالْحِجَارَةِ والمنجنيق فَقتل ابْن الزبير بِالْمَسْجِدِ

الصفحة 176