كتاب السلوك في طبقات العلماء والملوك (اسم الجزء: 1)

فحين وقف السُّلْطَان على الْكتاب أَمر برد الْفَقِيه من الطَّرِيق وَإِن كره وَقَالَ لَهُ حِين وصل يَا سَيِّدي الْفَقِيه أَنا أسْتَغْفر الله عَن عتابك وَلَك مني نصف ألف دِينَار وَأَرْض الموحار ودولة اللَّيْل من مَال المسوى فَقبل مِنْهُ الأَرْض وَلم تزل بِيَدِهِ وَيَد ذُريَّته حَتَّى انقرض أعيانهم وضعفوا وَكَانَ لَهُ أَوْلَاد ثَلَاثَة هم أَحْمد وَأَبُو الْقَاسِم وَعلي أَخذ عَنهُ فِي حَيَاته وَكَانَ يَقُول أَحْمد أقرأكم وَعلي أكتبكم وقاسم أفقهكم وَلم يزل هَذَا الإِمَام على الْحَال المرضي من الْقِرَاءَة والإقراء والقرى حَتَّى توفّي بالجعامي فِي شهر رَجَب من سنة تسعين وَخَمْسمِائة وَهُوَ ابْن تسعين سنة ثمَّ وَلَده على مَا يَأْتِي ذكره فِي أَصْحَاب الإِمَام يحيى بن أبي الْخَيْر إِذْ عده ابْن سَمُرَة فيهم
وَقد عرض مَعَ ذكره ذكر سُلْطَان بَلَده هُوَ أسعد بن وَائِل بن عِيسَى الوايلي ثمَّ الكلَاعِي من ولد ذِي الكلاع الْحِمْيَرِي أثنى عَلَيْهِ ابْن سَمُرَة وَقَالَ كَانَ هَذَا السُّلْطَان وَأَبوهُ سَالِمين من الابتداع يؤثرون مَذْهَب السّنة وَعمارَة الْمَسَاجِد ومحبة الْقُرَّاء وَالْعُلَمَاء والعباد ويعظمون السّلف الصَّالح ويتبركون بذكرهم ويهتدون بذكرهم وأفعالهم وَلذَلِك كَانَت أحاظة فِي ذَلِك الْوَقْت وَسَاعَة الأرزاق نضيرة الْبَسَاتِين والأسواق ببركة عبادها وَعدل سلطانها وَكَانَت عامرة الْمَسَاجِد كَامِلَة المصادر والموارد وَكَانَ السُّلْطَان وَائِل هُوَ الَّذِي بنى حصن يفوز وَذَلِكَ بعد قتل الصليحي وَهُوَ أحد من سلم من الْمُلُوك الَّذين حَضَرُوا قَتله على مَا سَيَأْتِي بَيَانه
وَكَانَت وَفَاة السُّلْطَان أسعد مقتولا فِي جُمَادَى الأولى سنة خمس عشرَة وَخَمْسمِائة وقبر بِجَامِع الجعامي وَقَالَ الْفَقِيه عمَارَة بَنو وَائِل من ولد ذِي الكلاع لَهُم رئاسة متأثلة قَالَ وَمِنْهُم أسعد بن وَائِل صَاحب الْكَرم العريض وَالثنَاء المستفيض يَعْنِي هَذَا الَّذِي عده ابْن سَمُرَة وَكَانَ ابْن سَمُرَة أثنى عَلَيْهِ الثَّنَاء المرضي ثمَّ عمَارَة كَذَلِك وَكَانَ محبا للفقهاء ومحسنا إِلَيْهِم اتجه ذكره فيهم لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَرْء مَعَ من أحب وجد من المسودة الجيدة الْقَرِيبَة
وَنَرْجِع إِلَى ذكر الْفُقَهَاء فَمن ذِي أشرق أَبُو الْخطاب عمر بن عَليّ بن الْفَقِيه

الصفحة 287