كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 1)

فَرْعٌ
فِي وَقْتِ الْوَتْرِ
[فِي وَقْتِ الْوَتْرِ] وَجْهَانِ.
الصَّحِيحُ: أَنَّهُ مِنْ حِينِ يُصَلِّي الْعِشَاءَ، إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. فَإِنْ أَوْتَرَ قَبْلَ فِعْلِ الْعِشَاءِ، لَمْ يَصِحَّ وَتْرُهُ، سَوَاءً تَعَمَّدَ، أَوْ سَهَا وَظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى الْعِشَاءَ، أَوْ صَلَّاهَا ظَانًّا أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ، ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْوَتْرَ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا فِي الْعِشَاءِ، فَوَتْرُهُ بَاطِلٌ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَدْخُلُ وَقْتُ الْوَتْرِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ قَبْلَهَا. وَلَوْ صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ قَبْلَ أَنْ يَتَنَفَّلَ، صَحَّ وَتْرُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يَتَقَدَّمَهُ نَافِلَةٌ، فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ وَتْرًا، كَانَ تَطَوُّعًا. كَذَا قَالَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الزَّوَالِ غَالِطًا، هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، أَمْ تَكُونُ نَفْلًا؟ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْوَتْرُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ. فَإِنْ كَانَ لَا تَهَجُّدَ لَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُوتِرَ بَعْدَ فَرِيضَةِ الْعِشَاءِ وَرَاتِبَتِهَا، وَيَكُونُ وَتْرُهُ آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ تَهَجُّدٌ، فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْوَتْرَ، كَذَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ. وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ: اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَقْدِيمَ الْوَتْرِ. فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ نَقْلُهُمَا عَلَى مَنْ لَا يَعْتَادُ قِيَامَ اللَّيْلِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ. وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ، وَكُلٌّ شَائِعٌ. وَإِذَا أَوْتَرَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، ثُمَّ قَامَ وَتَهَجَّدَ، لَمْ يُعِدِ الْوَتْرَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ: يُصَلِّي فِي أَوَّلِ قِيَامِهِ رَكْعَةً يُشَفِّعُهُ، ثُمَّ يَتَهَجَّدُ مَا شَاءَ، ثُمَّ يُوتِرُ ثَانِيًا، وَيُسَمَّى هَذَا: نَقْضُ الْوَتْرِ. وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي (الْأُمِّ) وَ (الْمُخْتَصَرِ) : أَنَّ الْوَتْرَ يُسَمَّى: تَهَجُّدًا: وَقِيلَ: الْوَتْرُ غَيْرُ التَّهَجُّدِ.

الصفحة 329