كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 1)

قُلْتُ: وَلَوْ صَلَّى خُنْثَى بِنِسَاءٍ، تَقَدَّمَ عَلَيْهِنَّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكُلُّ هَذَا اسْتِحْبَابٌ، وَمُخَالَفَتُهُ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ.
فَرْعٌ
إِذَا دَخَلَ رَجُلٌ وَالْجَمَاعَةُ فِي الصَّلَاةِ، كُرِهَ أَنْ يَقِفَ مُنْفَرِدًا، بَلْ إِنْ وَجَدَ فُرْجَةً، أَوْ سِعَةً فِي الصَّفِّ، دَخَلَهَا. وَلَهُ أَنْ يَخْرِقَ الصَّفَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُرْجَةٌ وَكَانَتْ فِي صَفٍّ قُدَّامَهُ، لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا. فَلَوْ لَمْ يَجِدْ فِي الصَّفِّ سِعَةً، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَقِفُ مُنْفَرِدًا، وَلَا يَجْذِبُ إِلَى نَفْسِهِ أَحَدًا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي (الْبُوَيْطِيِّ) وَالثَّانِي - وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ: يَجُرُّ إِلَى نَفْسِهِ وَاحِدًا. وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَجْرُورِ أَنْ يُسَاعِدَهُ. وَإِنَّمَا يَجُرُّهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ. وَلَوْ وَقَفَ مُنْفَرِدًا، صَحَّتْ صَلَاتُهُ.

الشَّرْطُ الثَّانِي: الْعِلْمُ بِالْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ. وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. ثُمَّ الْعِلْمُ قَدْ يَكُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْإِمَامِ، أَوْ مُشَاهَدَةِ بَعْضِ الصُّفُوفِ، وَقَدْ يَكُونُ بِسَمَاعِ صَوْتِ الْإِمَامِ، أَوْ صَوْتِ الْمُتَرْجِمِ فِي حَقِّ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ الَّذِي لَا يُشَاهِدُ لِظُلْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَدْ يَكُونُ بِهِدَايَةِ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ أَعْمَى، أَوْ أَصَمَّ فِي ظُلْمَةٍ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: اجْتِمَاعُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الْمَوْقِفِ. وَلَهُمَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ. الْأَوَّلُ: إِذَا كَانَا فِي مَسْجِدٍ، صَحَّ الِاقْتِدَاءُ، قَرُبَتِ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُمَا أَمْ بَعُدَتْ لِكِبَرِ الْمَسْجِدِ، وَسَوَاءً اتَّحَدَ الْبِنَاءُ أَمِ اخْتَلَفَ، كَصَحْنِ الْمَسْجِدِ، وَصُفَّتِهِ، أَوْ مَنَارَتِهِ وَسِرْدَابٍ فِيهِ، أَوْ سَطْحِهِ وَسَاحَتِهِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ السَّطْحُ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَلَوْ كَانَ مَمْلُوكًا، فَهُوَ كَمِلْكٍ مُتَّصِلٍ بِالْمَسْجِدِ، وَقَفَ أَحَدُهُمَا فِيهِ، وَالْآخَرُ فِي الْمَسْجِدِ. وَسَيَأْتِي فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَشَرْطُ الْبِنَاءَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، أَنْ يَكُونَ

الصفحة 360