كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 1)

فَهُوَ كَالْجِدَارِ، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ وَالْمُشَاهَدَةَ. وَإِنْ كَانَ مَرْدُودًا غَيْرَ مُغْلَقٍ، فَهُوَ مَانِعٌ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ دُونَ الِاسْتِطْرَاقِ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُشَبَّكٌ، فَهُوَ مَانِعٌ مِنَ الِاسْتِطْرَاقِ دُونَ الْمُشَاهَدَةِ. فَفِي الصُّورَتَيْنِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: أَنَّهُ مَانِعٌ. هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَوَاتِ. فَلَوْ وَقَفَ الْمَأْمُومُ فِي شَارِعٍ مُتَّصِلٍ بِالْمَسْجِدِ، فَهُوَ كَالْمَوَاتِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلَى الثَّانِي يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الصَّفِّ مِنَ الْمَسْجِدِ بِالطَّرِيقِ. وَلَوْ وَقَفَ فِي حَرِيمِ الْمَسْجِدِ، فَقَدْ ذَكَرَ فِي (التَّهْذِيبِ) : أَنَّهُ كَالْمَوَاتِ، وَذَكَرَ أَنَّ الْفَضَاءَ الْمُتَّصِلَ بِالْمَسْجِدِ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا، فَوَقَفَ الْمَأْمُومُ فِيهِ، لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ حَتَّى يَتَّصِلَ الصَّفُّ مِنَ الْمَسْجِدِ بِالْفَضَاءِ. وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الصَّفِّ مِنْ سَطْحِ الْمَسْجِدِ، بِالسَّطْحِ الْمَمْلُوكِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَفَ فِي دَارٍ مَمْلُوكَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِالْمَسْجِدِ، يُشْتَرَطُ الِاتِّصَالُ بِأَنْ يَقِفَ وَاحِدٌ فِي آخِرِ الْمَسْجِدِ مُتَّصِلٌ بِعَتَبَةِ الدَّارِ، وَآخَرُ فِي الدَّارِ مُتَّصِلٌ بِالْعَتَبَةِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَوْقِفُ رَجُلٍ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْفَضَاءِ مُشْكِلٌ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمَوَاتِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ، فَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: جِدَارُ الْمَسْجِدِ لَا يَمْنَعُ، كَمَا قَالَ فِي الْمَوَاتِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ: لَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الصُّفُوفِ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ. وَيَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ إِذَا كَانَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: نِيَّةُ الِاقْتِدَاءِ. فَمِنْ شُرُوطِ الِاقْتِدَاءِ: أَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومُ الْجَمَاعَةَ أَوِ الِاقْتِدَاءَ، وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ صَلَاتُهُ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرِنَ هَذِهِ النِّيَّةَ بِالتَّكْبِيرِ كَسَائِرِ مَا يَنْوِيهِ، فَإِنْ تَرَكَ نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ، انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى هَذَا لَوْ شَكَّ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ فِي نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ نَظَرَ إِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ فِعْلًا عَلَى مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ فِعْلًا عَلَى مُتَابَعَتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ فِي حَالِ الشَّكِّ لَهُ حُكْمُ الْمُنْفَرِدِ، وَلَيْسَ لَهُ الْمُتَابَعَةُ. حَتَّى لَوْ عَرَضَ هَذَا الشَّكُّ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَقِفَ سَلَامُهُ عَلَى سَلَامِ الْإِمَامِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِالْمُتَابَعَةِ - هُوَ إِذَا انْتَظَرَ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ لِيَرْكَعَ

الصفحة 365