كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 1)

تَرَكَ الْإِمَامُ سُنَّةً مَقْصُودَةً، كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْقُنُوتِ. وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَصْبِرْ عَلَى طُولِ الْقِرَاءَةِ لِضَعْفٍ أَوْ شُغْلٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عُذْرٌ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا قَطَعَ الْمَأْمُومُ الْقُدْوَةَ وَالْإِمَامُ بَعْدُ فِي الصَّلَاةِ. أَمَّا إِذَا انْقَطَعَتْ بِحَدَثِ الْإِمَامِ، وَنَحْوِهِ، فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ قَطْعًا بِكُلِّ حَالٍ.
فَرْعٌ
إِذَا أُقِيمَتِ الْجَمَاعَةُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا نَظَرَ إِنْ كَانَ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ، فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَحْبَبْتُ أَنْ يُكْمِلَ رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمَ، فَتَكُونَ لَهُ نَافِلَةً، وَيَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ. وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَقْطَعَ الْفَرِيضَةَ وَيَقْلِبَهَا نَفْلًا. وَفِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ خِلَافٌ قَدَّمْنَاهُ فِي مَسَائِلِ النِّيَّةِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ. ثُمَّ هَذَا فِيمَا إِذَا كَانَتِ الصَّلَاةُ ثُلَاثِيَّةً، أَوْ رُبَاعِيَّةً، وَلَمْ يُصَلِّ بَعْدُ رَكْعَتَيْنِ. فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ ذَاتَ ثَلَاثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ، وَقَدْ قَامَ إِلَى الثَّالِثَةِ، فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا، ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي فَائِتَةٍ، لَمْ يُسْتَحَبَّ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ لِيُصَلِّيَ تِلْكَ الْفَائِتَةِ جَمَاعَةً، لِأَنَّ الْفَائِتَةَ لَا يُشْرَعُ لَهَا الْجَمَاعَةُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَعَ فِي فَائِتَةٍ فِي يَوْمِ غَيْمٍ، فَانْكَشَفَ الْغَيْمُ، وَخَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ، فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ رَكْعَتَيْنِ، وَيَشْتَغِلُ بِالْحَاضِرَةِ.
قُلْتُ: قَوْلُهُ: لَا يُشْرَعُ لَهَا الْجَمَاعَةُ، يُحْمَلُ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ كَانَ فِي نَافِلَةٍ وَأُقِيمَتِ الْجَمَاعَةُ، فَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوْتَهَا أَتَمَّهَا. وَإِنْ خَشِيَهُ، قَطَعَهَا وَدَخَلَ فِي الْجَمَاعَةِ. فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُسَلِّمْ مِنْ صَلَاتِهِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا مُنْفَرِدًا، بَلِ اقْتَدَى فِي خِلَالِهَا، فَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ. وَهَذَا جُمْلَتُهُ. فَأَمَّا تَفْصِيلُهُ

الصفحة 375