كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 1)

فَفِي صِحَّةِ هَذَا الِاقْتِدَاءِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِبُطْلَانِهِ وَتَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ. وَأَصَحُّهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا: فِيهِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا: جَوَازُهُ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى طُرُقٍ، فَقِيلَ: هُمَا فِيمَا إِذَا لَمْ يَرْكَعِ الْمُنْفَرِدُ فِي انْفِرَادِهِ. فَإِنْ رَكَعَ لَمْ يَجُزْ قَطْعًا. وَقِيلَ: هُمَا بَعْدَ رُكُوعِهِ. فَأَمَّا قَبْلَهُ فَيَجُوزُ قَطْعًا. وَقِيلَ: هُمَا إِذَا اتَّفَقَا فِي الرَّكْعَةِ، فَإِنِ اخْتَلَفَا، فَكَانَ الْإِمَامُ فِي رَكْعَةٍ، وَالْمَأْمُومُ فِي أُخْرَى مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا لَمْ يَجُزْ قَطْعًا. وَالطَّرِيقُ الرَّابِعُ الصَّحِيحُ: أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ. وَإِذَا صَحَّحْنَا الِاقْتِدَاءَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَاخْتَلَفَا فِي الرَّكْعَةِ، قَعَدَ الْمَأْمُومُ فِي مَوْضِعِ قُعُودِ الْإِمَامِ، وَقَامَ فِي مَوْضِعِ قِيَامِهِ، فَإِنْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ أَوَّلًا، لَمْ يُتَابِعِ الْإِمَامَ فِي الزِّيَادَةِ، بَلْ إِنْ شَاءَ فَارَقَهُ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَهُ فِي التَّشَهُّدِ وَطَوَّلَ الدُّعَاءَ وَسَلَّمَ مَعَهُ. فَإِنْ تَمَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَوَّلًا قَامَ الْمَأْمُومُ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ كَمَا يَفْعَلُ الْمَسْبُوقُ، وَإِذَا سَهَا الْمَأْمُومُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ لَمْ يَتَحَمَّلْ عَنْهُ الْإِمَامُ، بَلْ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ سَجَدَ هُوَ لِسَهْوِهِ، وَإِنْ سَهَا بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ حَمَلَ عَنْهُ. وَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَحِقَ الْمَأْمُومَ وَيَسْجُدُ مَعَهُ، وَيُعِيدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ كَالْمَسْبُوقِ.
فَرْعٌ
مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ، كَانَ مُدْرِكًا لِلرَّكْعَةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ - بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَإِسْكَانِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، كِلَاهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا -: لَا يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ. وَهَذَا شَاذٌّ مُنْكَرٌ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ، وَأَطْبَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ: إِدْرَاكُهَا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرُّكُوعُ مَحْسُوبًا لِلْإِمَامِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ نَذْكُرُهُ

الصفحة 376