كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 1)

وَتَفْرِيعَاتٌ طَوِيلَةٌ أَوْضَحْتُهَا فِي شَرْحَيِ (الْمُهَذَّبِ) وَ (التَّنْبِيهِ) وَلَوْ قَالَ عَدْلٌ: وَلَغَ فِي هَذَا الْإِنَاءِ، هَذَا الْكَلْبُ فِي وَقْتِ كَذَا، فَقَالَ آخَرُ: كَانَ هَذَا الْكَلْبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِبَلَدٍ آخَرَ، فَالْأَصَحُّ طَهَارَةُ الْإِنَاءِ، لِلتَّعَارُضِ، وَالثَّانِي: النَّجَاسَةُ لِاشْتِبَاهِ الْكِلَابِ. وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَلْبُ رَأَسَهُ فِي الْإِنَاءِ، وَأَخْرَجَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ وُلُوغَهُ، فَإِنْ كَانَ فَمُهُ يَابِسًا، فَالْمَاءُ عَلَى طَهَارَتِهِ، وَإِنْ كَانَ رَطْبًا، فَالْأَصَحُّ: الطَّهَارَةُ لِلْأَصْلِ. وَالثَّانِي: النَّجَاسَةُ، لِلظَّاهِرِ. وَإِذَا تَوَضَّأَ بِالْمَظْنُونِ طَهَارَتُهُ، ثُمَّ تَيَقَّنَ أَنَّهُ كَانَ نَجِسًا، أَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ، لَزِمَهُ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ، وَغَسْلُ مَا أَصَابَهُ الْمَاءُ مِنْ بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ. وَيَكْفِيهِ الْغَسْلَةُ الْوَاحِدَةُ عَنِ النَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ جَمِيعًا إِذَا نَوَى الْحَدَثَ، عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، خِلَافَ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْخُرَاسَانِيِّينَ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلَتَيْنِ. وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ فِي (الْوَسِيطِ) وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ لَا تَجِبُ إِعَادَةُ هَذِهِ الصَّلَاةِ، كَنَظِيرِهِ مِنَ الْقِبْلَةِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ بِأَحَدِ الْمُشْتَبَهَيْنِ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ، وَصَلَّى، وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَبَانَ أَنِّ الَّذِي تَوَضَّأَ بِهِ هُوَ الطَّاهِرُ، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ قَطْعًا، وَلَا وُضُوءُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، لِتَلَاعُبِهِ، وَكَنَظِيرِهِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ. وَلَوِ اشْتَبَهَ الْإِنَاءَانِ عَلَى رَجُلَيْنِ، فَظَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ طَهَارَةَ إِنَاءٍ بِاجْتِهَادِهِ، لَمْ يَقْتَدِ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ. فَلَوْ كَانَتِ الْآنِيَةُ ثَلَاثَةً، نَجِسٌ وَطَاهِرَانِ، فَاجْتَهَدَ فِيهَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ، وَتَوَضَّأَ كُلٌّ بِإِنَاءٍ، وَأَمَّهُمَا وَاحِدٌ فِي الصُّبْحِ، وَآخَرُ فِي الظُّهْرِ، وَآخَرُ فِي الْعَصْرِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.

الصفحة 39