كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 1)

الْأَظْهَرِ. وَالْأَفْضَلُ لِلسَّائِرِ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَنْ يُؤَخِّرَهَا إِلَى الثَّانِيَةِ، وَلِلنَّازِلِ فِي وَقْتِهَا تَقْدِيمُ الثَّانِيَةِ. وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَا جَمْعُ الصُّبْحِ إِلَى غَيْرِهَا، وَلَا الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ. وَأَمَّا الْحُجَّاجُ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ فَيَجْمَعُونَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَذَلِكَ الْجَمْعُ بِسَبَبِ السَّفَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: بِسَبَبِ النُّسُكِ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَفِي جَمْعِ الْمَكِّيِّ الْقَوْلَانِ، لِأَنَّ سَفَرَهُ قَصِيرٌ، وَلَا يَجْمَعُ الْعَرَفِيُّ بِعَرَفَةَ، وَلَا الْمُزْدَلِفِيُّ بِمُزْدَلِفَةَ، لِأَنَّهُ وَطَنُهُ. وَهَلْ يَجْمَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْبُقْعَةِ الْأُخْرَى، فِيهِ الْقَوْلَانِ كَالْمَكِّيِّ. وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، جَازَ الْجَمْعُ لِجَمِيعِهِمْ. وَمِنَ الْأَصْحَابِ يَقُولُ: فِي جَمْعِ الْمَكِّيِّ قَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: مَنْعُهُ. وَالْقَدِيمُ: جَوَازُهُ. وَعَلَى الْقَدِيمِ فِي الْعَرَفِيِّ وَالْمُزْدَلِفِيِّ وَجْهَانِ. وَالْمَذْهَبُ: مَنْعُ جَمِيعِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَحُكْمُ الْجَمْعِ فِي الْبُقْعَتَيْنِ حُكْمُهُ فِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ. وَيَتَخَيَّرُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَالِاخْتِيَارُ: التَّقْدِيمُ بِعَرَفَةَ وَالتَّأْخِيرُ بِمُزْدَلِفَةَ.
فَرْعٌ
إِذَا جَمَعَ الْمُسَافِرُ فِي وَقْتِ الْأُولَى، اشْتُرِطَ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ. أَحَدُهَا: التَّرْتِيبُ فَيَبْدَأُ بِالْأُولَى. فَلَوْ بَدَأَ بِالثَّانِيَةِ لَمْ يَصِحَّ. وَتَجِبُ إِعَادَتُهَا بَعْدَ الْأُولَى. وَلَوْ بَدَأَ بِالْأُولَى ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ فَبَانَ فَسَادُ الْأُولَى، فَالثَّانِيَةُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا.
الْأَمْرُ الثَّانِي: نِيَّةُ الْجَمْعِ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تُشْتَرَطُ. وَيَكْفِي حُصُولُهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْأُولَى أَوْ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ مَعَ التَّحَلُّلِ مِنْهَا، وَلَا يَكْفِي بَعْدَ التَّحَلُّلِ. وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ: أَنَّهَا تُشْتَرَطُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِالْأُولَى، وَوَجْهٌ: أَنَّهَا تَجُوزُ فِي أَثْنَائِهَا وَلَا

الصفحة 396