كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 1)

الثَّلَاثَةُ عَلَى الثَّانِي، فَعَلَى الِاشْتِرَاطِ لَوْ أَخَلَّ بِوَاحِدٍ مِنْهَا صَارَتِ الْأُولَى قَضَاءً، فَلَا يَجُوزُ قَصْرُهَا إِنْ لَمْ نُجَوِّزْ قَصْرَ الْقَضَاءِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ فِي وَقْتِ الْأُولَى كَوْنَ التَّأْخِيرِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ. فَلَوْ أَخَّرَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، أَوْ ضَاقَ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا تَكُونُ الصَّلَاةُ فِيهِ أَدَاءً عَصَى وَصَارَتِ الْأُولَى قَضَاءً.
فَرْعٌ
إِذَا جَمَعَ تَقْدِيمًا، فَصَارَ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى أَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِيَةِ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ أَوْ وَصُولِ السَّفِينَةِ دَارَ الْإِقَامَةِ - بَطَلَ الْجَمْعُ، فَيَتَعَيَّنُ تَأْخِيرُ الثَّانِيَةِ إِلَى وَقْتِهَا، وَأَمَّا الْأُولَى فَصَحِيحَةٌ. فَلَوْ صَارَ مُقِيمًا فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ الْجَمْعُ، كَمَا يَمْتَنِعُ الْقَصْرُ بِالْإِقَامَةِ فِي أَثْنَائِهَا. فَعَلَى هَذَا، هَلْ تَكُونُ الثَّانِيَةُ نَفْلًا أَمْ تَبْطُلُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ كَنَظَائِرِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ صِيَانَةً لَهَا عَنِ الْبُطْلَانِ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، بِخِلَافِ الْقَصْرِ، فَإِنَّ وُجُوبَ الْإِتْمَامِ لَا يُبْطِلُ فَرْضِيَّةَ مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ. أَمَّا إِذَا صَارَ مُقِيمًا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْإِقَامَةُ فِي أَثْنَائِهَا لَا تُؤَثِّرُ فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: لَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ، كَمَا لَوْ قَصَرَ ثُمَّ أَقَامَ. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) وَآخَرُونَ: الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا أَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاتَيْنِ، إِمَّا فِي وَقْتِ الْأُولَى، وَإِمَّا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ مُضِيِّ إِمْكَانِ فِعْلِهَا. فَإِنْ كَانَ بَعْدَ إِمْكَانِ فِعْلِهَا لَمْ تَجِبْ إِعَادَتُهَا بِلَا خِلَافٍ. وَصَرَّحَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ مَهْمَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا جَمَعَ تَقْدِيمًا. فَلَوْ جَمَعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَصَارَ مُقِيمًا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا لَمْ يَضُرَّ. وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْفَرَاغِ صَارَتِ الْأُولَى قَضَاءً.

الصفحة 398