كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 1)

وهذا سؤال قد يعرض في هذا الباب وهو: هل يسد المصدر الصريح مسد المصدر المؤول ويقوم مقامه دومًا؟
والذي هو ظاهر في هذا الباب أن المصدر الصريح غير المؤول وليسا متطابقين، فإن الإسناد حاصل في المصدر المؤول، ولكن أقيم هذا الإسناد مقام المفرد.
إن المصدر المؤول أصله جملة تامة، بخلاف الصريح فإنه كلمة، ولذا قد يقع المصدر المؤول في مواطن لا يقع فيها المصدر الصريح، ولو حاولت إيقاع المصدر الصريح مكان المصدر المؤول، لأختل الكلام وذلك نحو أن تقول: ظننت أن سعيدًا حاضر أو تقول: (ليت أن سعيدًا غني) قال الشاعر:
تعلقت ليلى وهي ذات مؤاصد ... ولم يبد للأتراب من ثديها حجم.
صغيرين نرعى البهم ياليت أننا ... إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم
ففي مثل هذه المواطن لا يصح وضع المصدر الصريح مكان المؤول لفساد المعنى واختلاله، إلا بتكلف وتقدير محذوف لا موجب له، والمعنى تام بدونه.
أن قسمًا من النحاة يقدرون في نحو ذلك: ظننت حضور سعيد حاصلا، وليت غني سعيد ثابت، وهذا فاسد ويظهر فساده عند أظهاره المحذوف مع المصدر المؤول، فلو قلت: ظننت أن سعيدًا حاضر حاصل، وليت أن سعيدًا غني ثابت لكان واضح الفساد، ولم يقله أحد من العرب.
جاء في (المقتضب): "فإذا قلت: (ظننت أن زيدًا منطلق) لم تحتج إلى مفعول ثان لأنك قد أتيت بذكر زيد في الصلة، لأن المعنى: ظننت انطلاقا من زيد، فلذلك استغنيت" (¬1).
¬__________
= 1/ 276 - 278، التصريح 1/ 218 - 220، حاشية الخضري 1/ 133، شذور الذهب 206 - 207
(¬1) المقتضب 2/ 341، وانظر سيبويه 1/ 461، 462

الصفحة 302