كتاب أحكام القرآن للطحاوي (اسم الجزء: 1)

الشَّفَقَ الْحُمْرَةَ " وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: الشَّفَقُ الْبَيَاضُ الَّذِي بَعْدَ الْحُمْرَةِ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ وَلَمَّا كَانَ طُلُوعُ الشَّمْسِ يَتَقَدَّمُهُ الْفَجْرُ، وَغُرُوبُهَا يَتْلُوهُ الشَّفَقُ، وَكَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ، وَكَانَ إِجْمَاعُهُمْ أَنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ إِنَّمَا تَجِبُ بِطُلُوعِهِمَا، لَا بِطُلُوعِ أَحَدِهِمَا، كَانَ كَذَلِكَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ تَجِبُ بِغُرُوبِهِمَا، لَا بِغُرُوبِ أَحَدِهِمَا وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: وَقْتُ آخِرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِفيَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ يَذْهَبُونَ أَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ فَقِسْمٌ مِنْهُ مِنْ حِينِ يَدْخُلُ وَقْتُهَا إِلَى أَنْ يَمْضِيَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَهُوَ أَفْضَلُ وَقْتِهَا، وَقِسْمٌ مِنْهُ مَا بَعْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ إِلَى تَمَامِ نِصْفِ اللَّيْلِ وَهُوَ فِي الْفَضْلِ دُونَ ذَلِكَ، وَقِسْمٌ مِنْهُ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَتَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إِلَيْهِ عِنْدَهُمْ إِسَاءَةٌ وَتَضْيِيعٌ، وَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِشَاءَ فِيمَا رَوَيْنَا عَنْهُ فِي الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا، عِنْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَرُوِيَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ أَخَّرَهَا إِلَى وَقْتِ الْفَضْلِ مِنْ وَقْتِهَا، وَثَبَتَ بِحَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا أَنَّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى اسْتِغْرَاقِ نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ وَقْتِهَا وَإِنْ كَانَ فِي الْفَضْلِ دُونَ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا مَا وَجَبَ بِهِ أَنَّ مَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ وَقْتِهَا
298 - فَإِنَّ يُونُسَ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ، وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَا: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جَرِيجٍ، أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " مَا إِفْرَاطُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ؟ قَالَ: طُلُوعُ الْفَجْرِ " فَهَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ هَذَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، فَاسْتَحَالَ بِذَلِكَ أَنْ يَزِيدَ فِي وَقْتِهَا عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ بِمَا سِوَاهُ مِمَّا يُبِيحُ ذَلِكَ لَهُ فِيهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عِنْهُ فِي ذَلِكَ مَا يُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى
299 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى أَبِي مُوسَى

الصفحة 175