كتاب المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها (اسم الجزء: 1)

ونظائره كثيرة، قديمة ومولَّدة -كان1 العبد البر والزاهد المجتهد أحرى أن يسأل خالقه -جل وعز- مقتصدًا في سؤاله، وضامنًا من نفسه السمع والطاعة على ذلك من يأمره.
ويؤكد عندك مذهب "5ظ" من أنشدته آنفًا، ما حدثنا به أبو علي قال: لما قال كُثير:
ولست بِراض من خليلي بنائل ... قليل ولا أرضى له بقليل
قال له ابن أبي عتيق: هذا كلام مُكافئ، هلا قلت كما قال ابن الرقيات:
رُقَيَّ بِعَمْرِكُمْ لا تهجرينا ... ومنِّينا المنى ثم امطلينا2
وأنشدني بعض أصحابنا:
وعلليني بوعد منك آمله ... إني أُسَرُّ وإن أخلفت أن تعدي
وعليه قوله الله عز اسمه: {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} 3 أي: هديناهم من نعمتنا عليهم، ونَظَرِنَا لهم صراطًا مستقيمًا.
وقال كثير:
أمير المؤمنين على صراط ... إذا اعوج الموارد مستقيم
وهذا كقولك: أمير المؤمنين على الصراط المستقيم لا فرق بينهما؛ وذلك أن مفاد نكرة الجنس مفاد معرفته؛ من حيث كان في كل جزء منه معنى ما في جملته، ألا ترى إلى قوله:
وأَعلم إن تسليمًا وتركًا ... لَلَا متشابهان ولا سواء4
فهذا في المعنى كقوله: إن التسليم والترك لا متشابهان ولا سواء.
ومن ذلك قوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} 5.
ذكر أبو بكر أحمد بن موسى أن فيها سبع قراءات: "علهُمُو"، و"عليهُمُ" بضم الميم من غير إشباع إلى الواو، و"عليهُمْ" بسكون الميم مع ضمة الهاء، و"عليهِمي"، و"عليهِمْ" بكسر الهاء وسكون
__________
1 جواب: "إذا جاز...." في الصحفة السابقة.
2 الذي في الأغانتي 4/ 164: أنشد كثير بن أبي عتيق كلمته التي يقول فيها:
ولست براض ... البيت. فقال له: هذا كلام مكافئ ليس بعاشق، القرشيان أقنع وأصدق منك؛ ابن أبي ربيعة حيث يقول:
ليت حظي كلحظة العين منها ... وكثير منها القليل المهنا
وقوله أيضًا:
فعدي نائلًا وأن لم تنيلي ... أنه ينفع المحبَّ الرجاءُ
وابن الرقيات حيث يقول:
رُقَيَّ بعيشكم لا تهجرينا ... ومَنِّينا المنى ثم امطلينا
3 سورة النساء: 68.
4 لأبي حزام غالب بن الحارث العكلي. مختصر شرح الشواهد للعيني: 117.
5 سورة الفاتحة: 7.

الصفحة 43