كتاب جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (اسم الجزء: 1)

النَّحْلِ: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] [النَّحْلِ: 128] . وَكَتَبَ رَجُلٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى أَخٍ لَهُ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّهَا أَكْرَمُ مَا أَسْرَرْتَ، وَأَزْيَنُ مَا أَظْهَرْتَ، وَأَفْضَلُ مَا ادَّخَرْتَ، أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَيْهَا، وَأَوْجَبَ لَنَا وَلَكَ ثَوَابَهَا. وَكَتَبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ إِلَى أَخٍ لَهُ: أُوصِيكَ وَأَنْفُسَنَا، بِالتَّقْوَى فَإِنَّهَا خَيْرُ زَادِ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، وَاجْعَلْهَا إِلَى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلَكَ، وَمِنْ كُلِّ شَرٍّ مَهْرَبَكَ، فَقَدْ تَوَكَّلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِأَهْلِهَا بِالنَّجَاةِ مِمَّا يَحْذَرُونَ، وَالرِّزْقِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ. وَقَالَ شُعْبَةُ: كُنْتُ إِذَا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ، قُلْتُ لِلْحَكَمِ: أَلَكَ حَاجَةٌ، فَقَالَ: أُوصِيكَ بِمَا أَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.» وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى» . وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] [الطَّلَاقِ: 2] ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ " لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَخَذُوا بِهَا لَكَفَتْهُمْ» . فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ» مُرَادُهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ حَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ وَحَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَى سِرِّ أَمْرِكَ وَعَلَانِيَتِهِ» ، «وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: " أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ» وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هِيَ مِنَ الْمُنْجِيَاتِ.

الصفحة 407