كتاب جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (اسم الجزء: 1)
كَانَ فِي الْقَلْبِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، كَانَ ذَلِكَ نَقْصًا فِي التَّوْحِيدِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الشِّرْكِ الْخَفِيِّ. وَلِهَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام: 151] [الْأَنْعَامِ: 151] قَالَ: لَا تُحِبُّوا غَيْرِي.
وَفِي " صَحِيحِ الْحَاكِمِ " عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «الشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ الذَّرِّ عَلَى الصَّفَا فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وَأَدْنَاهُ أَنْ تُحِبَّ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْجَوْرِ، وَتُبْغِضَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْعَدْلِ، وَهَلِ الدِّينُ إِلَّا الْحُبُّ وَالْبُغْضُ؟ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] » [آلِ عِمْرَانَ: 31] وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ مَحَبَّةَ مَا يَكْرَهُهُ اللَّهُ، وَبُغْضَ مَا يُحِبُّهُ مُتَابَعَةٌ لِلْهَوَى، وَالْمُوَالَاةُ عَلَى ذَلِكَ وَالْمُعَادَاةُ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ الْخَفِيِّ.
وَخَرَّجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: " «لَا تَزَالُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَمْنَعُ الْعِبَادَ مِنْ سُخْطِ اللَّهِ، مَا لَمْ يُؤْثِرُوا دُنْيَاهُمْ عَلَى صَفْقَةِ دِينِهِمْ، فَإِذَا آثَرُوا صَفْقَةَ دُنْيَاهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ اللَّهُ: كَذَبْتُمْ» ".
الصفحة 525