كتاب جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (اسم الجزء: 1)

فِي كُتُبِهِمْ، وَلَمْ نَرَ لِذَلِكَ أَصْلًا بِإِسْنَادٍ يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَائِرُ الْأَعْمَالِ كَالْهِجْرَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَصَلَاحُهَا وَفَسَادُهَا بِحَسَبِ النِّيَّةِ الْبَاعِثَةِ عَلَيْهَا، كَالْجِهَادِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ «سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اخْتِلَافِ نِيَّاتِ النَّاسِ فِي الْجِهَادِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ مِنَ الرِّيَاءِ، وَإِظْهَارِ الشُّجَاعَةِ وَالْعَصَبِيَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ: أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» فَخَرَجَ بِهَذَا كُلُّ مَا سَأَلُوا عَنْهُ مِنَ الْمَقَاصِدِ الدُّنْيَوِيَّةِ. فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيَرَى مَكَانَهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَيْضًا: «الرَّجُلُ يُقَاتِلُ غَضَبًا، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً» . وَخَرَّجَ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ، مَا لَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ» .

الصفحة 75