كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "خَلْفَ الأُمِّيِّ" (¬12) هُوَ الَّذِى لَا يُحْسِنُ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ (¬13). وَأصْلُ الُأمِّىِّ: الَّذِى لَا يَكْتبُ وَإِنْ كَانَ يَحْفَظُ الْفَاتِحَةَ. وَهُوَ الَّذِى ذَكَرَهُ فِي الْقَضَاءِ (¬14)، فَإنَّهُ (¬15) لَا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَاضِيًا فِي أحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ الَّذِى لَا يُحْسِنُ الْخَطَّ، وَإنْ كَانَ عَالِمًا بِمَا سِوَاهُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} (¬16) فِيهِ وَجْهَانِ: أحَدُهُمَا: اَّنهُ نُسِبَ إِلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ حِينَ كَانُوا لَا يُحْسِنُونَ الْخَطَّ، وَيَخُطُّ غَيرهُمْ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ، ثُمَّ بَقِىَ الاسْمُ، وَإِن اسْتَفَادُوهُ بَعْدُ (¬17).
وَالثَّانى: أَنَّهُ نُسِبَ إِلَى الأُمِّ، أَيْ: هُوَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، لَمْ يَتَعَلَّم الْخَطَّ، وَذَلِكَ مُعْجِزَةٌ لَهُ. وَقِيلَ: نُسِبَ إِلَى أُمِّ الْقُرَى، وَهِىَ مَكَّةُ. وَقِيلَ: نُسِبَ إِلَى أُمَّتِهِ. وَأصْلُهُ "أُمَّتِىِّ" فَسَقَطَت التَّاءُ فِي النَّسَبِ.
قَوْلُهُ: "الأرَتُّ وَالأَلْثَغُ" قَالَ الْجَوْهَرىُّ (¬18): الرُّتَّةُ: الْعُجْمَةُ فِي الْكَلَام وَالْحُكْلَةُ فِيهِ، رَجُلٌ أرَتُّ بَيِّنُ الرَّتَتِ، وَفِى لِسَانِهِ رُتَّةٌ. وَارتَّهُ اللهُ (¬19)، وَمِنْهُ: خَبَّابُ بْنُ اْلأرَتِّ، رَضيَ الله عَنْهُ (¬20).
وَقَالَ أصْحَابُنَا الْفُقَهَاءُ: الأرَتُّ: هُوَ الَّذِى يُدْغِمُ أحدَ الْحَرْفَيْنِ فِي الآخَرِ فيسْقِطُ أحَدَهُمَا. وَوُجِدَ فِي أصْلِ الشَّيْخِ أبِي إسْحَاقَ عَلَى ظَهْرِ الْجُزْءِ: اْلأرَتُّ: الَّذِى فِي لِسَانِهِ رَتَجٌ يَنْعَقِدُ بِهِ اللِّسَانُ ثُمَّ يَنْطَلِقُ (¬21) وَالرُّتَّةُ فِي فِقْهِ اللُّغَةِ (¬22): حُبْسَةٌ فِي اللِّسَانِ وَعَجَلَةٌ فِي الْكَلَام. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: اْلأرَتُّ: الًذِى يَقْلِبُ اللَّامَ يَاءً. ذَكَرَهُ الْمَحَامِلِىُّ. وَأمَّا اْلألْثَغ: فَهُوَ الَّذِى يَقْلِبُ (¬23) الرَّاءَ غَيْنًا أو لَامًا، وَالسِّينَ ثَاءً (¬24)، يُقَالُ: لَثِغِ بِالْكَسْرِ يَلْثَغُ لَثَغًا فَهُوَ ألثَغُ، وَامْرَاةٌ لَثْغَاءُ (¬25) وَهُوَ الَّذِى يَقُولُ فِي عَبَّاس: غَبَّاثُ. وَفِى اْلكَاس وَالطَّاس: اْلكَأْثُ وَالطَّاثُ (¬26).
قَوْلُهُ: "أعْبَاءُ الأمَّةِ" (¬27) أثْقَالُهَا، جَمْعُ عِبْءٍ، وَهُوَ: الثِّقَلُ.
قَوْلُهُ: "التَّمَتَامُ وَاْلفَأفَاءُ" (¬28) التَّمَتَامُ: هُوَ الَّذِى يَتَعَثر فِي التَّاءِ. وَاْلفَأْفاءُ: هُوَ الَّذِى يَتَعَثر فِي اْلفَاء وَيُقَالُ فِي كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ، وَهِىَ: تَرَدُّدٌ فِي التَّاءِ، فَيَقُولُ فِي {نَسْتَعِين}: نَسْتَتَعِين. وَيَقُولُ الْفَأْفَاءُ: ففلله الْحَمْدُ.
قَوْلُهُ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أقْرَؤْهُمْ أفْقَهُهُمْ" (¬30) قَالَ فِي الْفَائِقِ (¬31): "حَقِيقَةُ الْفِقْهِ: الشَّقُّ وَالْفَتْحُ. وَاْلفَقِيهُ (¬32) هُوَ الْعَالِمُ الَّذِى يَشُقُ الأَحْكَامُ، وَيُفَتِّشُ (¬33) عَنْ حَقَائِقِهَا، وَيَفْتَحُ مَا اسْتَغْلَقَ مِنْهَا وَكَذَلِكَ (¬34):
¬__________
= المصباح (فسق) وانظز الزاهر 1/ 217 وغريب الحديث للقتبى 1/ 93 وتفسير الغريب له 29.
(¬12) في المهذب 1/ 98: وفي صلاة القارئ خلف الأمى وهو الذى لا يحسن الفاتحة أو خلف الأرت والألثغ قولان.
(¬13) قال القلعى في اللّفظ المستغرب 48: وهو اصطلاح بين الفقهاء وحقيقة الأمى هو الذى لا يكتب وإن كان يحفظ الفاتحة وغيرها وهو المراد في كتاب الأقضية.
(¬14) من المهذب 2/ 289، 290.
(¬15) خ: إنه.
(¬16) سورة الأعراف آية 157، 158.
(¬17) معانى الزجاج 1/ 132 والغريبين 1/ 90 وشرح ألفاظ المختصر لوحة 35 واللسان (أمم 138) ومجاز القرآن 1/ 90.
(¬18) في الصحاح (رتت).
(¬19) ومنه أرته الله فرت.
(¬20) صحابي فاضل من المهاجرين الأولين شهد المشاهد كلها مع توفى 37 هـ ترجمته في الاستيعاب 438 وطبقات ابن سعد 3/ 116 والإصابة 2/ 258.
(¬21) في المصباح عن المبرد: هى كالريح تمنع الكلام فإذا جاء شيىء منه اتصل، قال: وهى غريزة تكثر في الأشراف.
(¬22) للثعالبى 108 وانظر خلق الانسان لثابت 182 وتهذب اللغة 14/ 250.
(¬23) خ: يصير.
(¬24) خلق الإنسان لثابت 182وفقه الثعالبى 108.
(¬25) من باب تعب كما في المصباح (لثخ).
(¬26) انظر المحكم 5/ 87، واللسان (لثخ 3995).
(¬27) في المهذب 1/ 98 كالإمام الأعظم إذا عجز عن تحمل أعباء الأُمَّة.
(¬28) المخصص 1/ 181 وفقه الثعالبى 108 واللسان (فأف 3335) والبيان والتبيين 1/ 47.
(¬29) في المهذب 1/ 98 وكره أن يصلّى خلف التمتام والفأفاء لما يزيدان في الحروف، خ: ويقول في الفأفاء.
(¬30) خ: يؤم القوم أفقههم. في المهذب 1/ 98: والسنة أن يؤم القوم أقرؤهم وأفقههم.
(¬31) 3/ 134.
(¬32) ع: والقصد: تحريف. والمثبت من خ والفائق.
(¬33) خ: ويقيس على عينه، والمثبت من ع والفائق.
(¬34) خ: وكذا.

الصفحة 101