كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "مسافةً" (¬42) مَأَخُوذَةٌ مِنَ السَّوْفِ وَهُوَ الشَّمُّ. وَكَانَ الدَّلِيلُ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ، يَأَخُذُ التُّرَابَ فَيَشُمُّهُ (¬43).
قَوْلُهُ: "جَدَّ بِهِ السَّيْرُ" (¬44) لَعَلَّهُ مَأَخُوذٌ مِنَ الْجَدِّ ضِدُّ الْهَزْلِ. يُقَالُ: جَدَّ فِي الْأَمْرِ يَجِدُّ (¬45) جَدًّا وَأَجدَّ فِي الأَمْرِ مِثْلُهُ (¬46) وَإِنَّهُ لَجَادٌ مُجِدٌ (¬47)، وَمَعْنَاهُ: اجْتَهَدَ فِي السَّيْرِ وَحَثَّ.
قَوْلُهُ: "أُرَى ذَلِكَ" (¬48). بِضَمِّ الْأَلِفِ (¬49) أَيْ: أَظُنُّ وَأَحْسِبُ فِيمَا يَتَرَاءَى ذَلِكَ. فَإذا فَتَحْتَ اْلألِفَ (¬50) فَهُوَ مِنَ الرَّاىِ الَّذِى هُوَ اْلقِيَاسُ وَالنَّظَرُ (¬51).
* * *
¬__________
(¬42) هذا القول غير موجود في نصّ المهذب.
(¬43) ثمّ كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى سموا البعد مسافة. الصحاح والمصباح (سوف) واللسان (سوف 2152).
(¬44) في المهذب 1/ 104: روى ابن عمر (ر) قال: كان النبى - صلى الله عليه وسلم - إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء.
(¬45) من بابي ضرب وقتل كما في المصباح (جدد).
(¬46) فعلت وأفعلت للزجاج 16 والصحاح (جدد).
(¬47) عن الأصمعى في الصحاح (جدد).
(¬48) في المهذب 1/ 105: ويجوز الجمع بين الصلاتين في المطر .. قال مالك -رحمه الله-: أرى ذلك في وقت المطر.
(¬49) كذا في خ ومصححه في الحاشية بالهمزة.
(¬50) قال الفيومى: والذى أراه بالبناء للمفعول بمعنى الذى أظن وبالبناء للفاعل بمعنى الذى أذهب إليه. المصباح (روى) وانظر اللسان (رأى 1545).
(¬51) .......................
وَمِنْ بِابِ صَلَاةِ الخَوُف
الْقِتَالُ الْمَحْظُورُ (¬1): هُوَ اْلمَمْنُوعُ، كَقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَأهْلِ الذِّمَّةِ؛ وَاْلمُعَاهَدِين.
الْبَغْىُ (¬2): يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ.
قَوْلُهُ: "يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ" (¬3) قِيلَ: إِنَّهُ مَوْضِعٌ فِي أرْضِهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، كَأنَّهُ ثَوْبٌ مُرَقعٌ. وَقِيلَ: إنَّ الصَّحَابَةَ، رَضيَ اللهُ عَنْهُمْ اشْتَكُوا فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ، فَنَقِبَتْ أَقْدَامُهُمْ مِنَ الْحَفَاءِ (¬4) وَشِدَّتِهِ حَتَّى شَدُّوا عَلَى أَقْدَامِهِم الْخِرَقَ، وَهِىَ: الرِّقَاعُ؛ لِعَدَم النِّعَالِ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِىُّ (¬5)، وَمُسْلِمٌ (¬6) مُسْنَدًا إِلَى أبِى مُوسَى الْأشْعَرِىِّ، رَضيَ الله عَنْهُ. وَقِيلَ: إنَّهَا أرْضٌ خَشِنَةٌ، مَشَى فِيهَا ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ فَنَقِبَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَذَهَبَتْ أظَافِيرُهُمْ، فَكَانُو! يُرَقِّعُونَ أظَافِيرَهُمْ بِالْخِرَقِ (¬7).
قَوْلُهُ: "لَيْلَةَ الْهَرِيرِ" (¬8) هِىَ لَيْلَة كَانَتْ فِي أَيَّام صِفِّينَ (¬9)، اتَّصَلَ قِتَالُهُمْ لَيْلًا وَنَهَارًا. وَقَدْ ذَكَرَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاص (¬10) فِي كَلَامٍ لَهُ، فَقَالَ: حَتَّى لَا يُسْمَعُ مِنَ الأَبْطَالِ إِلَّا الْهَرِيرُ. قَالَ (¬11):
¬__________
(¬1) جاء في المهذب 1/ 105: وأما في القتال المحظور، كقتال أهل العدل وقتال أصحاب الأموال لأخذ أموالهم فلا يجوز فيه صلاة الخوف.
(¬2) في المهذب 1/ 105: يجوز في كلّ قتال مباح كقتال أهل البغى. . . إلخ.
(¬3) روى صالح بن خوات عمن صلّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ذات الرّقاع صلاة الخوف. . . إلخ المهذب 1/ 105.
(¬4) ع: أو: تحريف.
(¬5) في صحيحه 5/ 145 عن أبي موسى (ر) قال: خرجنا مع النبى - صلى الله عليه وسلم - في غزاة ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه فنقبت أقدامنا ونقبت قدماى وسقطت أظفارى، وكنا نلف على أرجلنا الخِرَقَ فسمِّيت غزوة ذات الرّقاع لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا.
(¬6) في صحيحه 5/ 200.
(¬7) انظر سيرة ابن هشام 2/ 204 وحاشية تحقيقه ومراصد الاطلاع 624، 625.
(¬8) في المهذب 1/ 106: الأفضل أن يصلّى بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين لما روى أن عليًا (ر) صلّى ليلة الهرير هكذا.
(¬9) موضع بقرب الرقة على شاطىء الفرات من غريبها كانت الوقعة بين على (ر) ومعاوية. مراصد الاطلاع 846.
(¬10) ع: عمر بن الفارض: تحريف. وانظر تاريخ الطبرى 5/ 42 - 48.
(¬11) ع: قيل ولم أعثر على قائله.

الصفحة 106