كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَسَلَّمَ عَنِ البَحْرِ، فَقَالَ: "هُوَ الطهُورُ مَاؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ" (¬46).
الطهُورُ- بِالْفَتْحِ: (¬47) هُوَ اسْم لِمَا يَتَطَهَّرُ بِهِ، كَالسَّحُورِ: اسْمٌ لِمَا يُتَسَحَّرُ بهِ، وَالْفَطُورِ: اسْمٌ (¬48) لِمَا يُفْطَرُ- عَلَيْهِ (مِنَ الْمَأْكُولِ) (45) وَالْوَقُودُ لِمَا يُوقَدُ (¬49). وَالطهُورُ- بِالضَّمِّ: الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى التَّطهُّرِ، كَقَوْلِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَقْبَلُ الله صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ " (¬50) أىْ: بِغَيْرِ تَطهُّرٍ. وَ "الْمَاءُ طَهُورٌ" (¬51) أىْ: مُطَهِّر لِغَيْرِهِ، طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ، بِخِلافِ الْمَاءِ الطَّاهِرِ فَإنَّهُ لَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ مُطهِّرٌ لِغَيْرِهِ، بَلْ هُوَ طَاهِر فِي نَفْسِهِ، كَمَاءِ الْوَرْدِ طَاهِرٍ لَيْسَ بِطهُورٍ.
وَقَالَ أصْحَابُ أبي حَنِيفَةَ: الْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَهَذَا خَطَأٌ (¬52)؛ لِأنَّ النَّبِيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْبَحْرِ، فَقَالَ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ" أَيْ: الْمُطهِّرُ: فَالسَّائِلُ يُرِيدُ: أيُطهِّرُ الْبَحْرُ؟ وَلَمْ يَسْأَلهُ عَنْ طَهَارَتِهِ فِي نَفْسِهِ. وَقَوْلُهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحِلُّ مَيْتَتُهُ" يُقَالُ: حَلَّ لَكَ الشَّىْءُ حِلَّا وَحَلَالَا وَهُوَ حِلٌّ (¬53) بِلٌّ، أىْ: طِلْقٌ (¬54). وَالحِلُّ وَالحَلَالُ: وَاحِدٌ. وَالْمَيْتَةُ- بِالْفَتْحِ: مَا لَمْ تَلْحَقْهُ الذَّكَاةُ. وَالمِيتَةُ- بِالْكَسْرِ: الْهَيْئَةُ كَالجِلْسَةِ والرِّكْبَةِ، يُقَالُ: مَاتَ فُلَان مِيتَةً حَسَنَةً.
قَوْلُهُ: "تَوَضَّأَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ" يُرْوَى بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا (¬55). وَقِيل: هُوَ اسْمُ رَجُلٍ كَافِرٍ. وَقِيلَ: اسْمُ امْرَأَةٍ. وَقِيلَ: مَوْضِعٌ فِيهِ نَخْلٌ (¬56).
قَوْلُهُ (¬57): "وَقَدْ سَخُّنَتْ مَاءً بِالشَّمْسِ" تَسْخِينُ الْمَاءِ وَإِسْخَانُه بِمَعْنَىً، وَهُوَ إحْمَاؤُهُ. وَسَخَنَ الْمَاءُ وَسَخُنَ وَسَخِنَ (¬58)، والسُّخنُ بالضَّمِّ: الْحَارُّ. قَالَ ابْنُ الْأعْرَابِيِّ: مَاء مُسْخَن وَسَخِينٌ بِمَعْنَىً، كَقَوْلِهِ (¬59):
مُشَعْشَعَةً كَأَنَّ الْحُصَّ فِيهَا ... إِذَا مَا الْمَأءُ خَالَطهَا سَخِينَا
(وَقِيلَ: هُوَ مِنَ السَّخَاءِ) (¬60).
قَوْلُهُ لِعَائِشَةَ، رَضيَ الله عَنْهَا: "يَا حُمَيْرَاءُ" (¬61) أَرادَ: يَا بَيْضَاءُ (¬62). قَصَدَ بِهِ: التَّقْرِيبَ إِلَى النّفْس، وَالْمَحَبَّةَ، لَا الْتَحْقِيرَ وَالْتَقْلِيلَ بِالْخَساسَةِ وَالْأرْذَالِ (¬63). وَالْعَرَبُ إذَا أحَبَّتْ شَيْئًا: صَغرَتْهُ، كَقَوْلِهِمْ: يَا بُنَيَّ، وَيَا أُخَيَّ.
¬__________
(¬46) سنن ابن ماجة 1/ 136 والموطأ 43 والنهاية 3/ 147.
(¬47) ع: والطهور.
(¬48) هو: ليس في ع.
(¬49) والوقود لما يوقد: ليس في ع.
(¬50) صحيح سلم 1/ 204 والترمذي 8/ 1 وسنن ابن ماجة 1/ 100.
(¬51) سنن ابن ماجه 2/ 173 وصحيح الترمذي 1/ 38 ونصب الراية 1/ 94.
(¬52) ع: وقد أخطأوا.
(¬53) بل: ساقط من ع.
(¬54) ع مطلق والمذكور عن خ والصحاح (حلل) وفي تهذيب اللغة 3/ 440 عن ابن عباس (ر) يقول: هى حل وبل يعنى: زمزم، فسئل سفيان: ما حل وبل؟ قال: حل محلل. وروى الأصمعي عن المعتمر بن سليمان أنه قال: البل: المباح بلغة حِمْيرَ. وانظر الغريبين 1/ 208، 209 والمحكم 2/ 369.
(¬55) والضم أكثر وأشهر، كما في المصباح والقاموس (بضع).
(¬56) معجم البلدان 1/ 442، 443 ومعجم ما استعجم 255 والمغانم المطابة 31، ومراصد الإطلاع 140 والنهاية 1/ 134 ومشارق الأنوار 1/ 171.
(¬57) في المهذب 1/ 4: روى أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة (ر) وقد سخنت ماء بالشمس: يا حميراء لا تفعلى هذا، فإنه يورث البرص.
(¬58) الكسر لغة بنى عمر. ذكره في محكم عن ابن الأعرابى 5/ 50 وانظر الدرر المبثثة 127.
(¬59) عمرو بن كلثوم في مُعَلَّقته بشرح ابن كيسان 44 وشرح القصائد السبع 372 والصحاح (سخن) واللسان (سخن 1965).
(¬60) ما بين القوسين ليس في ع. وانظر شرح المعلقة لابن كيسان 44 وشرح القصائد السبع 372. والمعنى: إذا خالطها الماء وشربناه كنا اسخياء.
(¬61) المهذب 1/ 4 وقال النووي في المجموع شرح المهذب: متفق على ضعفه.
(¬62) العرب تدعو الأبيض أحمر، وسميت عائشة (ر) الحميراء؛ لبياضها. انظر تهذيب اللغة 5/ 55 والمحكم 3/ 249 والمخصص 1/ 109 والملمع 34 والنهاية 1/ 348.
(¬63) الأرذال ساقط من ع وهو جمع رذل وهو الردىء من كل شيىء اللسان (رذل 1633).

الصفحة 11