كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

عُبَيْدٍ: الْمِيمُ فِيهِ أصْلِيَّةٌ (¬63)، وَهِىَ مِيمُ "مَفْعِلَة" فَإِنَّ كَانَ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ (¬64).
وَقَالَ الْأصْمَعِىُّ: أَيْ عَلَامَةٌ لِذَلِكَ، وَخَلِيقٌ لِذَلِكَ (¬65). وَكَانَ أبُو زَيْدٍ يَقُولُ: "مَئِتَّةٌ" بِالتَّاءِ، وَهِىَ "مَفْعِلَة" مِنْ أّنَّهُ يَؤُتُّهُ أَتًّا: إِذَا غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ (¬66). قَالَ الْجَوْهَرِىُّ: وَحَقُّهُ عِنْدِى: أَنْ يَكُونَ "مَئِينَةً" مِثَالَ (¬67) فَعِيلَةٍ (¬68)؛ لأنَّ الْمِيمَ أَصْلِيَّةْ.
فِي حَدِيثِ الْجُمُعَةِ: "وَمن اسْتَغْنَى اسْتَغْنَى اللهُ عَنْهُ" (¬69) مَعْنَاهُ: طَرَحُهُ وَرَمَى بِهِ، كَمَا أنَّ مَنْ اسْتَغْنَى عَن الشَّيْىءِ لَمْ يلْتَفِتْ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْمُجَازَاةُ، مِنْ قَوْلِهِ [تَعَالَى] (¬70): {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} (¬71).
قَوْلُهُ (¬72): {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} (¬73) قَالَ فِي التَّفْسِيرِ: قَدْ خَسِرَ مَنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ، وَنَسَبَ إِلَيْهِ الْبَاطِلَ.
* * *
¬__________
(¬63) هذا النقد متجه إلى أبي عبيد حيث استشهد ببيت المرار الفقعسى:
فَتَهَامَسُوا شَيْئًا فَقَالْوا عَرَّسُوا ... مِنْ غَيْرِ تَمْئِنَةٍ لِغَيْرِ مُعَرَّسِ
فقال الأزهرى: احتجاجه بالبيت غلط؛ لأنّ الميم في التمئنة أصلّية. والذى رواه في تفسير الحرف صحيح.
(¬64) أنظر تهذيب اللغة 15/ 102 والغريبين 1/ 102 واللسان (أنن 155 ومأن 4123) والنهاية 4/ 290.
(¬65) أنظر تعليق 7 من هذه الصفحة.
(¬66) الصحاح (مأن).
(¬67) ع: على مثل.
(¬68) عبارته: أن يقال "مئينة" مثال معينة على فعيلة. وفي ع: مئنة مثل فعلة: تحريف والمثبت من خ والصحاح.
(¬69) نص الحديث: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فالجمعة حق عليه إِلا عبد أو صبى أو مريض، فمن استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه والله غنى حميد" غريب الخطابي 1/ 301 والفائق 3/ 78 والنهاية 3/ 391 وغريب ابن الجوزى 2/ 165.
(¬70) ساقط من ع وخ.
(¬71) سورة التوبة آية 67. وانظر المراجع السابقة في تعليق 14.
(¬72) في المهذب 1/ 113 عن عمر (ر) وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم وقد خاب من افترى.
(¬73) سورة طه آية 61.
وَمِنْ بَابِ هَيْئَةِ الْجُمُعَةِ وَالتَّكْبِيرِ
قَوْلُهُ (¬1): "غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ" قَالَ أَصْحَابُنَا: هُوَ وُجُوبُ اسْتِحْبَاب، لَا وُجُوبُ إِلْزَامٍ. قَالَ صَاحِبُ الشَّامِلِ (¬2): الْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ مَعْنَى "وَاجبٌ" رَاتِبٌ، وَالرَّاتِبُ: هُوَ الدَّائِمُ (¬3).
قَوْلُهُ (¬4): "فَبِهَا وَنِعْمَتْ" أَيْ: فَبِالسُّنَّةِ أَخَذَ. وَنِعْمَت الْخَلَّةُ وَالْخَصْلَةُ هِىَ، فَحَذَفَ (¬5) قَالَ (¬6) فِي الْفَائِقِ (¬7): الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِفِعْلٍ مُضْمَر، أَيْ فَبِهَذِهِ الْخَصْلَةِ (¬8) أوْ الْفَعْلَةِ. يَعْنى: بِالْوُضُوء (¬9) يُنَالُ الْفَضْلُ. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ (¬10): "فَبِها" يَعْنى: بِالْفَرِيضَةِ أَخَذَ، وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬11): سَمِعْتُ الْفَقِيهَ أَبَا حَامِدٍ الشَّارَكِىَّ (¬12)
¬__________
(¬1) في المهذب 1/ 113: فإن اغتسل قبل طلوع الفجر لم يجزه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "غسل يوم الجمعة واجب على كلّ محتلم".
(¬2)
(¬3) قال ابن الأثير: قال الخطابى: معناه: وجوب الاختيار والاستحباب دون وجوب الفرض واللزوم، وإنما شبهه بالواجب تأكيدًا، كما يقول الرجل لصاحبه: حقك على واجب. وكان الحسن يراه لازما، وحكى ذلك عن مالك. يقال: وجب الشيء يجب وجوبا: إذا ثبت ولزم. والواجب والفرض عند الشافعى سواء، وهو كل ما يعاقب على تركه، وفرق بينهما أبو حنيفة، فالفرض عنده آكد من الواجب النهاية 5/ 152 وانظر معالم السنن 1/ 243 والأم 1/ 135.
(¬4) من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة: "من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل" المهذب 1/ 113 والموطأ 47 وصحيح الترمذى 2/ 282 وسنن ابن ماجة 1/ 347 والنسائى 3/ 94.
(¬5) الغريبين 1/ 240 وشرح ألفاظ المختصر لوحة 18.
(¬6) ع: وقال.
(¬7) 4/ 3.
(¬8) ع: والفعلة والمثبت من خ والفائق.
(¬9) ع، خ: الوضوء. والمثبت من الفائق.
(¬10) ...........................
(¬11) في الغريبين 1/ 240.
(¬12) بفتح الراء نسبة إلى شارك بليدة من =

الصفحة 112