كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

يَقُولُ: أرَادَ: فَبِالرُّخْصَةِ أَخَذَ، وَذَلِكَ أنَّ السُّنَّةَ: اْلغُسْلُ فِي يَوْم الْجُمُعَةِ، فَأَضْمَرَ (¬13). قَالَ أبُوَ عَلىّ اْلقَالِىُّ (¬14): وَلَا يَجُوزُ "وَنِعْمَهْ" بِالْهَاءِ؛ لِأنَّ مَجْرَى التَّاءِ فِيهَا مَجْرَى التَّاءِ فِي قَامَتْ وَقَعَدَتْ (¬15).
قَوْلُهُ: "وَاسْتَنَّ" (¬16) أَيْ: اسْتَاكَ، وَهُوَ اسْتَفْعَلَ مِنَ السُّنَّةِ، أَو افْتَعَلَ مِنَ السِّنِّ، أَيْ: نَظَّفَ سِنَّهُ وَنَقَّاهَا بِالسِّوَاكِ (¬17).
قَوْلُهُ: "يَعْتَمُّ وَيَرْتَدِى بِبُرْدٍ" (¬18) الْبُرْدً عِنْدَ الْعَرَبِ: مَا كَانَ مِنَ الثِّيَابِ فِيهِ سَوَادٌ وَبَيَاضٌ، وَسِوَى ذَلِكَ مِنْ (¬19) كُلِّ الْأَلْوَانِ، يُؤْتَى بِهَا مِنَ الْيَمَنِ (¬20).
قَوْلُهُ (¬21): "مَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأُوَلى" (¬22) وَحَقِيقَةُ الرَّوَاحَ: بَعْدَ الزَّوَالِ، وَالْغُدُوِّ: قَبْلَهُ. وَأَرَادَ (¬23) بِالرَّوَاحِ هُنَا: الْمُضىَّ إِلَى الْجَامِعِ. وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا فِي مَوْضِعِ الآخَرِ مَجَازًا. مِنَ الشَّامِلِ (¬24). وَقَالَ الْهَرَوِىُّ (¬25): أَرَادَ: خَفَّ إِلَيْهَا وَأَسْرَعَ، وَلَمْ يُرِدْ آخِرَ النَّهَارِ. وَيُقَالُ: تَرَوَّحَ الْقَوْمُ وَرَاحُوا: إِذَا ذَهَبُوا أَىَّ وَقْتٍ شَاءُوا (¬26).
قَوْلُهُ: "فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً" أَيْ: تَصَدَّقَ، وَالْقُرْبَانُ: الصَّدَقَةُ. وَكَذَلِكَ الْقرْبَة (¬27)، وَهُوَ الْعَمَلُ الَّذِى يُتَقَرَّبُ (¬28) (بِهِ) (¬29) إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَإِلَى الْجَنَّةِ (¬30). وَالْبَدَنَةُ: النَّاقَةُ الْفَتِيَّةُ السَّمِينَةُ، وَجَمْعُهَا: بُدْنٌ (¬31)، يُقَالُ: بَدَنَ الرَّجُلُ إِذَا سَمِنَ (¬32). وَالسَّاعَةُ الأُولَى (¬33) وَالثَّانِيَةُ لَيْسَ مِن اعْتِبَارِ سَاعَاتِ الْيَوْمِ، بَلْ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى صَاحِبِهِ صَاحِبِهِ حَازَ الْفَضْلَ بِذَلِكَ (¬34)، ذَكَرَهُ الطُّوَيْرِىُّ.
قَوْلُهُ: "وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ" (¬35) قَدْ ذُكِرَتْ فِيَما تَقَدَّمَ. وَالْوَقَارُ: هُوَ الحِلْمُ وَالرَّزَانَةُ، وَقَدَّ وَقَرَ الرَّجُلُ يَقِرُ وَقَارًا وَقِرَةً فَهُوَ وَقُورٌ، قَالَ الرَّاجِزُ (¬36).
بِكُلِّ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ قَدْ مَهَرْ ... ثَبْتٍ إِذَا مَا صِيحَ بِالْقَوْمِ وَقَرْ
وَالتَّوْقِيرُ: التَّعْظِيمُ وَالتَّرْزِينُ.
قَوْلُهُ (¬37): "غَسلَ وَاغْتَسَلَ" يُرْوَى مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا، فَمَنْ خَفَّفَ قِيلَ: أَرَادَ: غَسَلَ رَأْسَهُ وَاغْتَسَلَ
¬__________
= نواحى بلخ. وانظر اللباب لابن الأثير 2/ 4، ومعجم البلدان 3/ 232.
(¬13) سئل عنه الأصمعى فقال: أظنه يريد: فبالسُّنَّة أخذ، وأضمر ذلك إن شاء الله. الفائق 4/ 3.
(¬14) في الأمالى 2/ 320.
(¬15) وكذا ذكره ابن الأنبارى في الزاهر 2/ 318.
(¬16) في المهذب 1/ 113: روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أغتسل يوم الجمعة واستن ومس من طيب إن كان عنده ولبس أحسن ثيابه. . . إلخ.
(¬17) في النهاية 2/ 411: الاستنان: استعمال السواك وهو افتعال من الأسنان أى: يمره عليها.
(¬18) في المهذب 1/ 113: والأفضل (للإمام) أن يعتم ويرتدى ببرد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك.
(¬19) ع: وسواء في ذلك. . . إلخ.
(¬20) شرح كفاية المتحفظ 566 والنهاية 1/ 166 واللسان (برد 250).
(¬21) قوله: ليس في ع.
(¬22) من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجناية ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة. . . إلخ الحديث. المهذب 1/ 114.
(¬23) ع: أراد.
(¬24) ...............................
(¬25) في الغريبين 1/ 424.
(¬26) تهذيب اللغة 5/ 221، 222.
(¬27) ع: وكذا الفدية. تحريف.
(¬28) خ: يقرب.
(¬29) به: ساقط من خ.
(¬30) تفسير غريب القرآن 142 ومعانى الزجاج 1/ 181.
(¬31) في الصحاح: والبدنة: ناقة أو بقرة تنحر بمكة، سميت بذلك؛ لأنهم كانوا يسمنونها والجمع: بدن بالضم مثل ثَمَرَة وثُمُر. وفي المصباح: وبدن أيضا بضمتين وإسكان الدال تخفيف، وكأن البدن جمع بدين تقديرًا مثل نذير ونذر.
(¬32) الجوهرى: تقول منه: بدن الرجل بالفتح يبدن بدنا: إذا ضخم. وكذلك بدن بالضم يبدن بدانة فهو بادن. الصحاح (بدن).
(¬33) خ: الأولة: تحريف.
(¬34) ع: كذلك.
(¬35) في المهذب 1/ 114: ويستحب أن يمشى إليها وعليه السكينة.
(¬36) العجاج ديوانه 33 وروايته (بكل أخلاق الشجاع قد مهر) ورواية الصحاح كما في النص ونقل عنه.
(¬37) في المهذب 1/ 114 عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر عمل سنة صيامها وقيامها" والحديث في صحيع الترمذى 2/ 281 وسنن ابن ماجة 1/ 346 والنسائى 3/ 95.

الصفحة 113