كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ" (¬9) أَيْ: قَدْرَ رُمْحٍ (¬10)، فِي رَأْىِ الْعَيْن. وَأصْلُهُ "قِوْدَ" وَهُوَ مُشْتَقٌ مِنَ الْقَوَدِ (¬11)؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُقَايَسَةِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: قِيسَ رُمْحٍ، وَانْتِصَابُهُ (¬12) عَلَى أنَّهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذَوْفٍ تَقْدِيرُهُ: ارْتَفَعَتْ ارْتِفَاعًا. ذَكَرَهُ فِي الْفَائِقِ (¬13).
قَوْلُهُ: "بِضَعَفَةِ النَّاسِ" (¬14) هُوَ جَمعُ ضَعِيفٍ، مِثْلُ: كَافِرٍ وَكَفَرَةٍ، جَاءَ نَادِرًا، وَقِيَاسُهُ: ضُعَفَاءُ (¬15)، يُقَالُ: قَوْمٌ ضِعَافٌ وَضُعَفَاءُ وَضَعَفَةٌ.
قَوْلُهُ: (نَسِيكَتِهِ) (¬16) أَيْ: ذَبِيحَتِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالى: {أوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (¬17) وَهُوَ جَمْعُ نَسِيكَةٍ، يُقَالُ: نَسَكَ للهِ يَنْسُكُ. وَاْلمَنْسِكُ وَالْمَنسَكُ (¬18): الْمَوْضِعُ الَّذِى تُذْبَحُ فِيهِ النَّسَائِكُ.
قَوْلُهُ: "بُرْدٌ حِبَرَة" (¬19) الْحِبَرَةُ مِنَ الْبُرْودِ: مَا كَان مَوْشِيًّا (¬20) مُخَططًا، مِنْ حَبَّرْتُ الشَّيْىءَ، أَيْ: (¬21) حَسَّنْتُهُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ (¬22) قَالَ: (لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ نَبِىَّ اللهِ يَسْمَعُ قِرَاءَتِى لَحَبَّرْتُهَا) يُرِيدُ: تَحْسِينَ الصَّوْتِ وَتَحْزِيْنَهُ (¬23).
قَوْلُهُ: (ذَوَاتُ الْهَيْئَاتِ) (¬24) هُوَ مِنْ تَهَيَّأ: إذَا أَخَذَ فِي أَمْرٍ. وَمَعْنَاهُ: ذَوَاتُ (¬25) التَّحَسُّنِ وَالتَّعَطُّرِ وَالِّلبَاسِ.
قَوْلُهُ: (الْعَوَاتِقِ وَذَوَاتِ الْخُدُودِ) هِىَ جَمْعُ عَاتِقٍ، أَيْ: شَابَّةٍ أَوَّلَ مَا أَدْرَكَتْ فَخُذِّرَتْ فِي بَيْتِ أهْلِهَيه فَلَمْ تَبِنْ إِلَى زَوْجٍ. قَالَهُ الْجَوْهَرِىُّ (¬26) قَالَ أَبُو نَصرٍ أحْمَدُ بْنُ حَاتِمٍ (¬27): وَلَمْ تَبِنْ إِلَى زَوْجٍ: مِنَ الْبَيْنُونَةِ (¬28) وَمَعْنَى خُدِّرَتْ، أَيْ: حُجِبَتْ (¬29) مِنَ الْعُيُونِ فِي الْخِدْرِ، وَهُوَ السَّتْرُ، وَجَمْعُهُ: خُدُورٌ.
قَوْلُهُ: (الشُّهْرَةُ مِنَ الثِّيَابِ) (¬30) أَصْلُهُ: وُضُوحُ الْأمْرِ، يُقَالُ مِنْهُ (¬31) شَهَرْتُ الْأمْرَ أشْهَرُهُ شَهْرًا وَشُهْرَةً فَاشْتَهَرَ (¬32)، وَأَرادَ هَا هُنَا: أَنْ يَلْبَسَ مَا يُشْهَرُ بِهِ، وَيُعْرَفُ مِنْ بَيْنِ النَّاس، مِنْ لِبَاسٍ جَيِّدٍ أَوْ رَدِىءٍ حَتَّى يُشَارَ إِلَيْهِ، فيقَالُ: هُوَ ذَاكَ.
¬__________
(¬9) خ: إذا طلعت الشس قيد رمح وفي المهذب 1/ 118: والأفضل أن يؤخرها حتى ترتفع الشمس قيد رمح.
(¬10) أى قدر رمح: ساقط من ع.
(¬11) وهو القصاص كما في الفائق 1/ 68 والنقل عنه.
(¬12) ع: ونصبه. والمثبت من خ والفائق.
(¬13) 1/ 68. وانظر تهذيب اللغة 9/ 247 وجمهرة اللغة 2/ 296 وديوان الأدب 3/ 324، 333، 334 والمنقوص والممدود 36 والنهاية 4/ 131.
(¬14) في المهذب 1/ 118: روى أن عليا (ر) استخلف أبا مسعود (ر) ليصلي بضعفة الناس في المسجد.
(¬15) قال الفيومى: ولوحظ في ضعف معنى فاعل فجمع على ضعاف وضعفة مثل كافر وكفرة. المصباح (ضعف) وانظر المحكم 1/ 255 والصحاح (ضعف).
(¬16) خ: من نسيكته: في المهذب 1/ 119: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويوم النحر لا يأكل حتى يرجع فيأكل من لحم نسيكته.
(¬17) سورة البقرة آية 196 وانظر مجاز القرآن 1/ 70 ومعانى الزجاج 1/ 189.
(¬18) والمنسك: ساقط من ع. والمثبت من خ والصحاح (نسك).
(¬19) خ: عليه برد حبرة. وفي المهذب 1/ 119 روى ابن عباس (ر) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس في العيدين برد حبرة. والحبرة وزان عنبة كما في الصحاح والمصباح (حبر) والنهاية 1/ 328 ويجوز برد حبرة على الوصف، وبرد حبرة على الإضافة.
(¬20) ع: موشى. والمثبت من خ: النهاية.
(¬21) غرب الحديث للخطابى 2/ 432.
(¬22) قال الخطابى: في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع صوت الأشعرى وهو يقرأ، فقال: لقد أوتى هذا من مزامير آل داود. قال بريدة: فحدثته بذلك، فقال: لو علمت أن نبى الله - صلى الله عليه وسلم - استمع لقراءتى لحبرتها. غريب الحديث 1/ 318.
(¬23) السابق 1/ 319.
(¬24) في المهذب 1/ 119: ويستحب أن يحضر النساء غير ذوات الهيئات؛ لما روت أم عطية، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض في العيد. . . إلخ.
(¬25) ع: فات.
(¬26) في الصحاح (عتق).
(¬27) صاحب الأصمعى وروايته ت 231 هـ ترجمته في إنباه الرواة 1/ 36 والمزهر 2/ 408.
(¬28) ذكره فى الصحاح (عتق).
(¬29) ع: تحجبت.
(¬30) في المهذب 1/ 119 وإذا أردن الحضور تنظفن بالماء ولا يتطيبن ولا يلبسن الشهرة من الثياب.
(¬31) ع: منها.
(¬32) الصحاح (شهر).

الصفحة 116