كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

الانْحِنَاءُ فِي الظَّهْرِ مِنَ الْكِبَرِ.
قَوْلُهُ: (مُتَبَذِّلًا) (¬24) عَلَيْهِ ثِيَابُ الْبِذْلَةِ، وَهِىَ: مَا يُمْتَهَنُ مِنَ الثَيَابِ وَيُسْتَعْمَلُ. وَابْتِذَالُ الثَّوْبِ: امْتِهَانُهُ، وَالتَبّذَلُ: تَرْكُ التَّصَاوُنِ (¬25).
قَوْلُهُ: (غَيْثًا مُغِيثًا) الْغَيْث: مَعْرُوفٌ، وَهُوَ المَطَرْ (مُغِيثًا) أَيْ: نَاصِرًا، يُقَالُ: أغَاثَهُ يُغِيثُهُ: إِذَا نَصَرَهُ عَلَى عَدُوِّهِ، وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ (¬27). قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬28)، فَكَأنَّ الْغَيْثَ: الْمُغِيثُ (¬29)؛ لِأنَّهُ يُخْرِجُ مِنَ الْجَدْبِ وَيُخلِصُ مِنَ الْقَحْطِ.
قَوْلُهُ: (هَنِيئًا) هُوَ الطَّيِّبُ الَّذِى لَا تَنْغِيصَ فِيهِ. (مَرِيئًا): الَّذِى تَصْلُحُ عَلَيْهِ الْأجْسَامُ، وَلَا وَبَاءَ فِيهِ مُسَمِّنًا لِلْمَالِ. قَالَ الْأزْهَرِىُّ (29): الْهَنِىءُ وَالْمَرِىءُ: النَّاجِعُ لِلْمَالِ حَتَّى يَسْمُنَ عَلَيْهِ. وَمَرؤ الْمَاءُ: إِذَا كَانَ نَمِيرًا، يُقَالُ: هَنَأنِى الطَّعَامُ وَمَرَأَنِى، فَإذَا لَمْ يُذْكَرْ هَنَأنِى: قُلْتَ: أمْرَأنِى -بِالْهَمْزِ- أَى: انْهَضَمَ. وَقَالَ أَبُو العَبَّاس عَن ابْنِ الاعْرَابِىِّ: يُقَالُ: هَنَأنِى وَأَهَنَأنِى، وَمَرَأَنِى وَأمْرَأَنِى (¬30). وَلَا يُقَالُ: مَرَيَنِى (¬31). وَقَالَ فِي التَّفْسِيرِ {هَنِيئًا} (¬32) لَا إِثْمَ فِيهِ، وَ {مَرِيئًا} لَا دَاءَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (مَرِيعًا) أَيْ: خَصِيبًا، وَالْمَرِيعُ: الْخَصِيبُ. وَقَدْ أمْرَعَ الْوَادِى فَهُوَ مُمْرِعٌ (¬33). وَوُصِفَ بِهِ الْمَطَرُ (¬34)؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ يَكُونُ؛ وَالشَّىْءُ يُوصَفُ بِفِعْلِهِ. أَيْ: (مُمْرِعٌ) وَسُمِّىَ (¬35) الْمَطَرُ: الْحَيَا، لإحْيَائِهِ الْأَرْضَ. وَرُوِىَ (مُرْبِعًا) (¬36) بِالْبَاءِ، مِنْ أَربَعَ بِالْمَكَانِ: إِذَا أَقَامَ فِيهِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى نُجْعَةٍ، وَمِنْهُ (ارْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ) (¬37) أَيْ: اثْبُتْ وَارْفُقْ. وَيُرْوَى (مُرْتِعًا) (¬38) بِالتَّاءِ، مِنْ (رَتَعَتِ الْمَاشِيَةُ: إِذَا رَعَتْ مَا شَاءَتْ) (¬39) وَمِنْهُ (¬40) قَوْلُهُ تَعَالَى: {نَرْتَعْ وَنَلْعَبْ} (¬41).
قَوْلُهُ (¬42): (غَدَقًا) الْغَدَقُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، يُقَالُ بِفَتْحِ الدَّالِ: نَعْتٌ بِالْمَصْدَرِ، فَلا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. وَقَالَ (¬43) ابْنُ الْأعْرَابِىِّ: الْمَطَرُ الغَدَقُ: الْكِبَارُ الْقَطَرُ، وَالْمُغْدِقُ: مِثْلُهُ (¬44).
قَوْلُهُ: (مُجَلِّلًا) قَالَ الْجَوهَرىُّ (¬45): الْمُجَلِّلُ: السَّحَابُ الَّذِى يُجَلِّلُ الْأَرْضَ بالْمَطَر، أَيْ: يَعُمُّ جَمِيعَ الأرْض، وَلَعَلَّهُ مِنْ تَجْلِيلِ الْفَرَسِ، وَهُوَ: إلبَاسُهُ الْجُلّ (¬46). أوْ (¬47) يُجَلّلُ الأرْضَ، أيْ يُغَطِّيهَا بِمَائِهِ أوْ بِنَبَاتِهِ (¬48).
¬__________
(¬24) في المهذب 1/ 124 ويخرج متواضعًا تبذلا.
(¬25) عن الصحاح "بذل" والمقصود: ترك الزينة والظهور بهيئة حسنة. أنظر النهاية 3/ 85 والمصباح (بذل).
(¬26) في دعاء الاستسقاء "اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا طبقا سحا عاما دائما. اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين. . . إلخ انظر المهذب 1/ 124.
(¬27) من الغوث واوى العين، والغيث يائى. وانظر الصحاح والمصباح (غيث، غوث) والفائق 3/ 161 والنهاية 3/ 392، 400 وغريب الخطابى 1/ 439.
(¬28) سورة القصص آية 15.
(¬29) ع: مغيث.
(¬30) في شرح ألفاظ المختصر 48 وانظر فعلت وأفعلت للزجاج 87 ومعانى القرآن له 2/ 9 واللسان (هنأ 4707)، (مرأ 4166) وإصلاح المنطق 149، 319.
(¬31) ولا يقال مرينى: ليس في ع.
(¬32) من قوله تعالى {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} النساء آية 4.
(¬33) الصحاح (مرع).
(¬34) فقيل: غيث مريع وَمِمْراع ومُمْرِع وانظر الصحاح (مرع) واللسان (مرع 4184) وتهذيب اللغة 2/ 394.
(¬35) ع: ويسمى.
(¬36) الفائق 1/ 341 والنهاية 2/ 193 ومنال الطالب 109.
(¬37) المحكم 2/ 102 والصحاح (ربع).
(¬38) الرواية في الفائق: مَرِيعًا مُرْتِعًا مُربِعًا، وَكذا في منال الطالب 103.
(¬39) ع: أرتعته الماشية: إذا أرتعت ماله ساق تحريف.
(¬40) ومنه: ساقط من خ.
(¬41) سورة يوسف آية 12. على قراءة من قرأ بالنون: انظر الكشف 2/ 6، 7.
(¬42) قوله: ليس في ع.
(¬43) خ: قال.
(¬44) غريب الخطابى 1/ 441 والمحكم 5/ 229 والفائق 1/ 341 والآية 3/ 345 ومنال الطالب 108 والصحاح والمصباح "غدق".
(¬45) الصحاح (جلل).
(¬46) عبارة الجوهرى: أى يعم. وتجليل الفرس: الباسه الحل.
(¬47) أو مصححة في حاشيته خ بأى: خطأ.
(¬48) الفائق 1/ 342.

الصفحة 120