كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَمِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ
قَالَ الجَوْهَرِى (¬1): الْجَنَازَةُ: وَاحِدَةُ الْجَنَائِزِ، وَالْعَامَّةُ تَقُوُل: الْجَنَازَةُ بِالْفَتْحِ، وَالْمَعْنِى (¬2): الْمَيِّتُ عَلَى السَّرِيرِ، فَإذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَيِّتٌ فَهُوَ سَريرٌ وَنَعْشٌ. قَالَ الأزْهَرِىُّ (¬3): يُقَالً لِلسَّرِيرِ إِذَا جُعِلَ فِيهِ الْمَيِّتُ، وَسُوِّىَ لِلدَّفْنِ: جِنَازَةٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ. وَأَمَّا الْجَنَازَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ، فَالْمَيَّتُ نَفْسُهُ. يُقَالُ: ضُرِبَ حَتَّى تُرِك جَنَازَةً.
قَوْلُهُ (¬4): (اسْتَحْيَوْا مِنَ اللهِ) يُقَالُ: اسْتَحَيْتُ بِيَاء وَاحِدَةٍ، وَاسْتَحْيَيْتُ بِيَاءَيْنِ، وَاسْتَحَى وَاسْتَحْيَا وَأصْلُ اسْتَحَيْتُ (بِيَاء وَاحِدَةٍ) (¬5): اسْتَحْيَيْتُ، فَأَعَلُّوا الْيَاءَ، وَأَلْقَوْا حَرَكَتَهَا عَلَى الْحَاء قَبْلَهَا اسْتِثْقَالًا لَمَّا دَخَلتْ عَلَيْهَا (¬6) الزَّوَائِدُ. وَقَالَ سِيَبَويْه (¬7): حُذِفَتْ لإلْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، لِأَنَّ الْيَاءَ الأولَى تُقْلَبُ أَلِفًا؛ لِتَحَرُّكِهَا، فَعُلَوا ذَلِكَ حَيْثُ كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: اسْتَحَى بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ: لُغَةُ بَنِى تَمِيمٍ، وَبِيَاءَيْنِ لُغَةُ أهْلِ الْحِجَازِ، وَهُوَ الْأصْلُ (¬8).
قَوْلُهُ: (فَلْيَحْفَظِ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى) الْفَرْقُ بَيْنَ (وَعَى) وَ (حَوَى) أنَّ وَعَى مُشْتَقٌ مِنَ الْوَعْىِ (¬9) أَيْ: حَفِظَهُ. يُقَالُ: وَعَيْتُ الْحَدِيثَ أَعِيهِ: إِذَا حَفِظْتَهُ (¬10) وَمَعْنَى (حَوَى) جَمَعَ وَأَحَاطَ. يُقَالُ: حَوَاهُ يَحْوِيهِ حَيًّا: جَمَعَهُ (¬11) وَأَحَاطَ بِهِ مِنْ جَوَانِبِهِ. وَتَحَوَّى: اجْتَمَعَ وَاسْتَدَارَ، مِثْل تَحَوى الْحَيَّةِ (¬12)، وَالْمُرَادُ: مَا وَعَى الرَّأْسُ مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالِّلسَانِ، وَسَائِرِ الْحَوَاسِّ. وَمَا حَوَى البَطْنُ مِنَ الْقَلْبِ وَالْفَرْجِ، وَمَدْخَلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَمُسْتَقَرهِ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ حِلِّ. وَمَا وَعَى الْقَلْبُ مِنْ مَعْرِفَةِ اللهِ (تَعَالَى) وَالْعِلْمِ بِحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ (¬13).
(الْمَوْتَ وَالْبِلَى) بِكَسْرِ الْبَاءِ: هُوَ ذهَابُ الجِسْمِ وَتَلَاشِيهِ وَكَوْنِهِ تُرَابًا.
قَوْلُهُ: (الإِقْلَاعُ مِنَ الْمَعَاصى) (¬14) مِنْ قَلْعِ الشَّجَرَةِ وَهُوَ إِزَالَتُهَا وَاسْتِئْصَالُهَا (¬15)، وَمَعْنَاهُ: أَلَّا
¬__________
(¬1) الصحاح (جنز).
(¬2): المعنى: ساقط من ع. وعبارة الجوهرى: والمعنى للميت على السرير.
(¬3) شرح ألفاظ المختصر لوحة 47.وتهذيب اللغة 1/ 326 وانظر الغريبين 1/ 410 وإصلاح المنطق173 وديوان الأدب 1/ 385، 471.
(¬4) فى المهذب 1/ 126: المستحب لكل أحد أن يكثر ذكر الموت، لما روى ابن مسعود (ر) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: "استحيوا من الله حق الحياء" قالوا: إنا نستحى يا نبى الله والحمد لله. قال: "ليس كذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس ما حوى وليحفظ البطن وما وعى وليذكر الموت والبلى. . . الحديث.
(¬5) ما بين القوسين زيادة في ع.
(¬6) خ: عليهما تحريف والمثبت من ع والصحاح والنقل عنه.
(¬7) ذكره الجوهرى في الصحاح وهو في الكتاب 4/ 399 وانظر المسائل البغدادية ص 227 - 230.
(¬8) ذكره الجوهرى وهو فى معانى القرآن للأخفش 1/ 52.
(¬9) خ: الوعاء.
(¬10) الصحاح (حفظ).
(¬11) الصحاح (حوى).
(¬12) في الصحاح: وتحوى: تجمع واستدار، يقال: تحوت الحية.
(¬13) غريب الحديث لأبي عبيد 2/ 116، 117: الغريبين 1/ 421، 422 والفائق 1/ 242، 243. والنهاية 5/ 207، 208.
(¬14) فى المهذب 1/ 126: وينبغى ان يستعد للموت بالخروج من الظالم، والإقلاع من المعاصى، والإقبال على الطاعات.
(¬15) خ: من قلع الشجر وهو إزاله واستئصاله.

الصفحة 123