كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "أُتِىَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرٍ (¬67) " أَىْ: عُرْىٍ، لَيْسَ عَلَيْهْ سَرْجٌ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ: فَرَسٌ عُرْىٌ، وَخَيْل أَعرَاءٌ (¬68). وَلَا يُقَالُ: فَرَسٌ مُعْرَوْرٍ. وَإِنَّمَا الْمُعْرَوْرِى (¬69): الَّذِى يَرْكَبُ الْفَرَسَ عَرْيًا. يُقَالِ: اعْرَوْرَى الْفَرَسَ: إِذَا رَكِبَهُ عُرْيًا.
قَوْلُهُ: "إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ" (¬70) أَصْلُ الضَّلَالِ: الْجَوْرُ عَنِ الطَّرَيقِ: وَقَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ: أَصْلُهُ الْغَيْبُوبَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَضِلُّ رَبِّى} (¬71) أَىْ: لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَىْءٌ. وَقَالَ تَعَالَى: {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} (¬72) أَىْ: ذَهبْنَا وَغِبْنَا. فَكَاْنَّ الْكَافِرَ جَارَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، أوْ غَابَ عَنْهُ الْحَقُّ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَلَمْ يَهْتَدِ إِلَيْهِ (¬73).
* قَوْلُهُ: "فَوَارِهِ" أَىْ: غَطِّهِ وَاسْتُرْهُ، الْمُوَارَاةُ: السَّتْرُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} (¬74).
قَوْلُهُ: "بِنَارٍ وَلَا نَائِحَةٍ" (¬75) أَرَادَ بِالنَّارِ: مَا يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ مِنَ اتِّباعِ الْجَنَازَةِ بِالْبَخُورِ. وَالنَّائِحَةُ: الْبَاكِيَةُ. وَأَصْلُ التَّنَاوُحِ: التَّقَابُلُ، يُقَالُ: تَنَاوَحَ الْجَبَلَانِ: إِذَا تَقَابَلَا، وَكَانَ النِّسَاءُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ، يُقَابِلُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، فَيَبْكِينَ وَيَنْدُبْنَ الْمَيِّتَ، فَهُو: النَّوْحُ (¬76).
قَوْلُهُ: "الْبَقِيعُ" (¬77) اسْمٌ عَلَمٍ لِمَقْبَرَةِ الْمَدِينَةِ، وَفِى غَيْرِهَا: مَوْضِعٌ فِيهِ أَرُومُ الشَّجَرِ مِنْ ضُرُوبٍ شَتَّى، وَمِنْهُ سُمِّىَ بَقِيعُ الْغَرْقَدِ الْمَذْكُور (¬78).
قَوْلُهُ (¬79): "مِنى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ" هُوَ (¬80) مِنْ أَنَاخَ الْبَعِيرَ: إِذَا أَبْرَكَهُ وَاسْتَنَاخَ الْبَعِيرُ بِنَفْسِهِ: بَرَكَ، وَأَرَادَ أَنَّهَا (¬81) مَنْزِلُ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا وَحَازَهَا.
قَوْلُهُ: "اللَّحْدُ" (¬82) هُوَ الشَّقُّ فِى نَاحِيةِ الْقَبْرِ، وَأَصْلُهُ: الْمَيْلُ وَالْعُدُولُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْكَافِرِ: مُلْحِدٌ؛ لأنَّهُ مَالَ عَنِ الْحَقِّ وَعَدَلَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيْهِ بِإلْحَادٍ (¬83) بِضُلْمٍ} وَقَالَ الشَّاعِرُ (¬84):
ثَوَى فِى مُلْحَدٍ لَا بُدَّ مِنْهُ ... كَفَى بِالْمَوْتِ نَأَيًا وَاغْتِرَابًا
قَوْلُهُ (¬85): "يُعَمَّقُ الْقَبْرُ قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ" أَىْ: يُجْعَلُ عَمِيقًا، لَهُ غَوْرٌ فِى الْأرْضِ. وَأَصْلُ العُمْقِ: قَعْرُ الْبِئْرِ. وَتَعْمِيقُ الْبِئْرِ وَاِعْمَاقُهَا: جَعْلُهَا عَمِيقَةً. وَقَدْ عَمُقَ الرَّكِىُّ عَمَاقَةً. وَيُقَالُ: عُمْقٌ (¬86) بِالضَّمِّ
¬__________
(¬67) فى المهذب 1/ 136: روى جابر بن حمرة أن النبى - صلى الله عليه وسلم - صلى على جنازة، فلما انصرف أتى بفرس معرور فركبه ومثله فى النهاية 1/ 225 وفى سنن النسائى 4/ 86 معرورى وفى صحيح الترمذى 7/ 183 "فتلقاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على فرس لأبى طلحة عرى".
(¬68) ع: عرى: غريف. والمثبت من خ والعين 2/ 233 وتهذيب اللغة 3/ 158 والمحكم 2/ 167، والصحاح (عرى).
(¬69) يقال: اعْرَوْرَيْتُ الفرسَ فأنا مَعْرَوْرٍ وهو مُعْرَوْرىً. وانظر الأساس (عرى) والصحاح والمغرب والمصباح (عرى) والنهاية 3/ 225.
(¬70) فى المهذب 1/ 136: ولا يكره للمسلم اتباع جنازة أقاربه من الكفار؛ لما روي على (ر) قال: أتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن عمك الضال قد مات. فقال: اذهب فواره.
(¬71) سوره طه آية: 52.
(¬72) سورة السجدة آية: 10.
(¬73) وقال أبو عبيدة: مجازه: همدنا فلم يهجد لنا لحم لا عظم. مجاز القرآن 2/ 131 وانظر الصحاح ضلل.
(¬74) سورة المائدة آية: 31.
(¬75) فى المهذب 1/ 136 ولا تتبع الجنازة بنار لا نائجة.
(¬76) عن الصحاح (نوح) وعبارته: ومنه سميت النوائح. والنوح المصدر والاسم: النياحة.
(¬77) فى المهذب 1/ 136: والدفن فى المقبرة أفضل؛ لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - كان يدفن الموتى بالبقيع.
(¬78) معجم ما استعجم 1/ 265 والعين 1/ 209 وتهذيب اللغة 1/ 284 والمغانم المطابة 61 والصحاح (بقع).
(¬79) فى المهذب 1/ 136: وإن تشاح اثنان فى مقبرة مسبلة قدم السابق منهما؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - منى مناخ من سبق.
(¬80) ع: فهو.
(¬81) ع: بها.
(¬82) فى المهذب 1/ 136: أيهما كان أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه إلى اللحد.
(¬83) سورة الحج آية 25 قال أبو عبيد: مجازه: ومن يرد فيه الحادًا والباء من حروف الزوائد وهو الزيغ والجور والعدل عن الحق. مجاز القرآن 2/ 48 وانظر معانى الفراء 2/ 222، 223 وتفسير غريب القرآن 291 وتهذيب اللغة 4/ 422.
(¬84) بشر بن أبى خازم كما فى نهاية الأدب 3/ 61 والتمثيل والمحاضرة 50.
(¬85) فى المهذب 1/ 137: ويستحب أن يعمق. . . . . . . . . إلخ.
(¬86) ع: أعمق تحريف والمثبت من خ والصحاح والنقل عنه.

الصفحة 133