كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

كِتَابُ الزَّكَاةِ
أَصْل الزَّكَاةِ فِى اللُّغَةِ: النَّمَاءُ وَالْكَثْرَةُ، زَكَا الْمَالُ يَزْكُو: إِذَا كَثُرَ، وَدَخَلَتْهُ الْبَرَكَةُ، وَزَكَا الزَّرْعُ إِذَا نَمَا (¬1). وَسُمِّيَت الصَّدَقَةُ زَكَاةً؛ (لِأنَّهَا (¬2) سَبَبُ النَّمَاءِ وَالْبَرَكَةِ.
وَقِيلَ: أَصْلُهَا: الطَّهَارَةُ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (¬3): {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} (¬4) أَىْ: طَاهِرَةً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} (¬5) أَىْ: طَاهِرًا.
وَقِيلَ: مَأخُوذٌ مِنْ تَزَكَّى، أَىْ: تَقَربَ. قَالَ اللهُ تَعَالَى (¬6): {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} (¬7) وَقَوْلُهُ [تَعَالَى]: {يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} (¬8).
وَقِيلَ: الْعَمَلُ الصَّالِحُ. وَقَالَ [تَعَالَى]: {خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً} (¬9) أَىْ: عَمَلًا صَالِحًا (¬10)، فَكَأَنَّهَا تُطَهِّرُ مِنَ الذُنُوبِ، وَتُقَرِّبُ إِلَى اللهِ تَعَالَى.
وَجَاءَ فِى الْقُرْآنِ: بِمَعْنَى الإِسْلَامِ {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّايَزَّكَى} (¬11) وَجَاءَ بِمَعْنَى الْحَلَالِ (¬12) {فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا} (¬13) وَجَاءَ بِمَعْنَى الشَّفْعِ، لِأنَّ الزَّكَا (¬14): الزَّوْجُ، وَالْخَسَا: الْفَرْدُ.
قَوْلُهُ: "مِلْكٌ ضَعِيفٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةُ" (¬15) هِىَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْآسِىَّ، وَهُوَ: الطَّبِيبُ (¬16)، كَأَنَّهَا فِى النَّفْعِ بِمَنْزِلَةِ الدَّوَاءِ، فى النَّفْعِ مِنَ الْعِلَّةِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬17): آسَيْتُهُ بِمَالِى، أَىْ: جَعَلْتُهُ إِسْوَتِى فِيهِ وَوَاسَيْتُهُ: لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ فِيهِ.
قَوْلُهُ: "نَاقِصْ بِالرِّقِّ" (¬18) الرِّقِّ بِالْكَسْرِ مِنَ الْمِلْكِ، وَهُوَ الْعُبُودِيَّةُ (¬19).
¬__________
(¬1) الزاهر 2/ 186 - 188 وغريب الحديث لابن قتيبة 1/ 184 والعين 5/ 394 وتهذيب اللغة 10/ 319 والمحكم 7/ 94 والفائق 2/ 119 والنهاية 2/ 307 والصحاح، والمصباح، والمغرب (زكو).
(¬2) خ: لأنه: تحريف.
(¬3) سورة الكهف: آية 74.
(¬4) فى قراءة. أبى جعفر ونافع وابن كثير وأبى عمرو ويعقوب وأبى الرحمن السلمى. معاني القرآن للفراء 2/ 155 والْمَبْسوط فى القراءات العشر 280.
(¬5) سورة مريم آية 19 فى قراءة عبد الله وأبى عمرو ونافع ويعقوب عن قالون. معانى القرآن 2/ 163 والمبسوط 288.
(¬6) تعالى: ليس فى خ.
(¬7) سورة الأعلى آية 14.
(¬8) سورة الليل آية 18.
(¬9) {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} سورة الكهف آية 81.
(¬10) معانى الفراء 2/ 157.
(¬11) سورة عبس آية 3 وانظر معانى الفراء 3/ 235.
(¬12) السابق 2/ 137.
(¬13) الكهف آية 19 وقال أبو عبيدة فى مجاز القرآن 1/ 397: أكثر. وقال ابن قتيبة فى تفسير غريب القرآن 265: يجوز أن يكون أكثر ويجوز أن يكون أجود ويجوز أن يكون أرخص. وقال مكى فى العمدة 187: أكثر وأحله.
(¬14) ع: الزكاة: تحريف. وفى العين 4/ 298: يقال فى لعب الجوز: خسا أم زكا، فخسا: فرد، وزكا: زوج قال رؤبة: *لم يدر مالزاكى من المخاسى. وانظر تهذيب اللغة 7/ 484 والمحكم 5/ 151 وديوان الأدب 4/ 20، 22 والصحاح (زكا) واللسان (خسا 1159).
(¬15) فى المهذب 140/ 1: لا زكاة على الكاتب والعبد لأنه لا يملك وقيل يملك إِلا أنه ملك ضعيف لا يحتمل المواساة.
(¬16) ع: الطب والمثبت من خ والصحاح (أسو).
(¬17) السابق.
(¬18) فيمن نصفه حر ونصفه عبد وجهان: أحدهما: أنه لا تجب عليه الزكاة لا لأنه ناقص بالرق فهو كالعبد القن. . . إلخ. المهذب 1/ 140.
(¬19) عن الصحاح (رقق).

الصفحة 139