كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "كَالْعَبْدِ الْقِنِّ" فَالَ الْجَوْهَرِىٌّ (¬20): الْعَبْدُ القِنُّ: إِذَا مُلِكَ هُوَ وَأَبُوهُ، يَسْتَوِى فِيهِ الاثْنَانِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ. وَقِيلَ: هُوَ الْخَالِصُ الْعُبُودِيَّةِ.
قَوْلُهُ: "ابتغُوا فِى أمْوَالِ الْيَتَامَى" (¬21) أىْ: اطْلُبُوا فِيهَا الرِّبْحَ بِالتَّصْرفِ فِيهَا بِالتِّجَارَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ (¬22) يَضْرِبُونَ فِى الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ} (¬23) أَىْ: يَتَّجِرُونَ، وَأَصْلُهُ: الطَّلَبُ، يُقَالُ: بَغَى ضَالَّتَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ طَلِبَةٍ: بُغَاءٌ بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ، وَبُغَايَةٌ أَيْضًا. وَالْبُغْيَةُ - بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ: الْحَاجَةُ. وَالْبِغَاءُ بِالْكَسْرِ: الزِّنَا. وَمِنْهُ: {[وَ] (¬24) لَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} (¬25).
قَوْلُهُ (¬26): "الزَّكَاةُ مَعْلُومٌ مِنْ دِينِ اللهِ عَزَّ (¬26) وَجَلَّ ضَرُورَةٌ" قَالَ أَهْلُ الأُصُولِ: الْعِلْمُ الضَّرورِىُّ كُلُّ عِلْمٍ لَزِمَ الْمَخْلُوقَ عَلَى وَجْهٍ لا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ بشَكٍّ وَلَا شُبْهَةٍ، وَذَلِكَ كَالْعِلْمِ الْحَاصِلِ عَنِ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ الَّتِى هِىَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَالْلَّمْسُ.
قَوْلُهُ (¬27): "فَأَنا آخُذُهَا (¬28) وَشِطْرُ مَالِهِ" أىْ: نِصْفُ مَالِهِ. قَالَ ذَلِكَ حِينَ كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ فِى الأَمْوَالِ فِى بَدْءِ الإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ (¬29). وَرُوِىَ فِى الْفَائِقِ (¬30): وَشُطْرَ مَالُهُ" بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِ الطَّاءِ عَلى مَا لَم يُسَمَّ فَاعِلُهُ. قَالَ: وَالْمَعْنَى: أَنَّ مَالَهُ يُنَصَّفُ، وَيَتَخَير الْمُصَدِّقُ مِنْ خَيْرِ النِّصْفَيْنِ. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ (¬31): قَالَ الْحَرْبِىُّ: غَلِطَ بَهْزٌ فِى الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ "شُطِرَ مَالُهُ" يَعْنى: أَنْ (¬32) يُجْعَلَ مَالُهُ شِطريْنِ فَيَتَخَيَّرُ الْمُصَدِّقُ (¬33)، وَيَأَخُذُ الصَّدَقَةَ مِنْ خَيْرِ النِّصْفَيْنِ عُقُوبَةً لِمَنْعِهِ، وَأَمَّا مَالَا (¬34) يَلْزَمُهُ فَلَا.
قَوْلُهُ: "عَزْمَةٌ" بِالرَّفْعِ: خَبَرُ مُبْتَدَإٍ، أَىْ: ذَلِكَ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنا. يُقَالُ: عَزَمَ عَلَى الأَمرِ: إِذَا قَطَعَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَتَرَدَّدَ فِيهِ، يُقَالُ: عَزَمْتُ عَلَى كَذَا عَزْمًا وَعُزْمًا (¬35) - بالضَمِّ وَعَزِييةً وَعَزِيمًا: إِذَا أرَدْتَ فِعْلَهُ وَقَطَعْتَ عَلَيْهِ. قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (¬36) أَىْ: صَرِيمَةَ أَمْرٍ (¬37). قَالَ فِى الْمُجْمَلِ (¬38): الْعَزْمُ وَالْعَزِيمَةُ: عَقْدُ الْقَلْبِ عَلَى الشَّىْءِ [تُرِيدُ] (¬39) أَنْ تَفْعَلَهُ. وَعَنِ الْغُورِيِّ (¬40): الإِرَادَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ لِتَوْطِينِ النَّفْسِ عَلَى الْفِعْلِ، وَمِنْهُ: اعْتَزَمَ الْفَرَسُ فِى عِنَانِهِ: إِذَا مَرَّ حَالًا فَحَالًا يَنْثَنى. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَىْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللهِ [أَىْ] (¬41) وَاجِب مِمَّا أوْجَبَ اللهُ تَعَالَى (¬42).
قَوْلُهُ: "وَالْخبَرُ مَنْسُوخٌ" (¬43) النَّسْخُ: هُوَ الإِزَالَةُ، نَسَخَت الشَّمْسُ الظِّلَّ، وَانتسَخَتْهُ: أَزَالَتْهُ، وَنَسْخُ الآيَةِ بِالآيَةِ، إِزَالَةُ حُكْمِهَا بِمِثْلِ حُكْمِ الَّذِى كَانَ ثَابِتًا لِحُكْمِ غَيْرِهِ (¬44)، فَالثَّانِيَةُ: نَاسِخَةٌ، وَالأولَى:
¬__________
(¬20) فى الصحاح (قنن).
(¬21) فى المهذب 1/ 140. روى أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "ابتغوا فى أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة".
(¬22) وآخرون: ليس فى ع.
(¬23) سورة المزمل آية 20.
(¬24) ع، خ: {لَا تُكْرِهُوا}.
(¬25) سورة النور آية 33. وانظر معانى القرآن للفراء 2/ 251 ومجاز القرآن 2/ 66 وتفسير غريب القرآن 304.
(¬26) فى المهذب 1/ 141: وجوب الزكاة: معلوم من دين الله -عز وجل- ضرور فمن جحد وجوبها فقد كذب الله تعالى وكذب رسوله.
(¬26) خ: تعالى.
(¬27) فى المهذب 1/ 141: روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ومن منعها فأنا آخذها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا ليس لآل محمّد فيها شيىء.
(¬28) وفى خ: فَإنَّا آخِذُوهَا.
(¬29) قال الشيرازى: وحديث بهز بن حكيم منسوخ فإن ذلك كان حين كانت العقوبات فى المال، ثم نسخت المهذب 1/ 141.
(¬30) 2/ 244، 245.
(¬31) فى الغريبين 2/ 98.
(¬32) ع: أنه.
(¬33) المصدق: بفتح الصاد والدال بعدها مكسورة مشددة: الذى يأخذ صدقات النعم.
(¬34) ع: مال: تحريف.
(¬35) ع: عزمانا: تحريف.
(¬36) سورة طه آية 115.
(¬37) ما سبق عن الصحاح (عزم) وانطر مما فى الفراء 2/ 193 وتفسير غريب القرآن 283.
(¬38) 3/ 666.
(¬39) زيادة من المجمل لاستقامة النص.
(¬40) ع: الهروى: تحريف.
(¬41) زيادة من التهذيب 2/ 154 وفى ع: وواجب بدلا من: أى واجب.
(¬42) السابق.
(¬43) أنظر تعليق 29.
(¬44) خ: إزالة حكمها مثل حكم الذى كان نائبا بحكم غيره تحريف: انظر الصحاح (نسخ) والمفردات للراغب 511.

الصفحة 140