كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَمُتَعَدٍّ" (130) وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَجَرِ الَّذِي يُقْسَمُ عَلَيْهِ الْمَاءُ فِي السَّفَرِ إذَا قَلَّ: الْمَقْلَةُ (¬133)، (وَقَدْ يُقَالُ لِجَرْعَةِ الْمَاء (¬134) قَالَ الفَرَزْدَقُ:
وَلَمَّا تَمَاقَلْنَا الإِدَاوَةَ أَجْهَشَتْ ... إِلَىَّ عُيُونُ الْعَنْبَرِيِّ الْجُرَاضِمِ
وَسُمىَ الذُّبَابُ ذُبَابًا، لِأنَّهُ كُلَّمَا ذُبَّ [آبَ، كُلَّمَا ذُبَّ] لِاسْتِقْذَارِهِ: آبَ لِاسْتِكْبَارِهِ.
قَوْلُهُ: "تُرَابٌ (¬135) أَوْجَصٌ" (¬136) بِفَتْحِ الجِيمِ وَكَسْرِهَا (¬137): هُوَ حِجَارَةٌ بِيضٌ تُحْرَقُ بِالنَّارِ (¬138)، ويُصَب عَلَيْهَا المَاءُ، فَيَصِيرُ طَحِينًا يُطْلَى بِهِ البِنَاءُ كَالنُّورَةِ، وَهُوَ مُعَربٌ (139).
قَوْلُهُ: "حَتى غَمَرَ النَّجَاسَةَ" (¬139) أَيْ: عَلَاهَا، لِكَثرتِهِ. قَالَ الْجوْهَرِيُّ (¬140): الْغَمْرُ: الْمَاءُ الْكَثِيرُ، وَقَدْ غَمَرَهُ الْمَاءُ يَغْمُرُهُ: إذَا عَلَاهُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: قَدْ غَمَرَهُ الْقَوْمُ: إذَا عَلَوْهُ شَرَفًا.
قَوْلُهُ: "كَالْمَيْتَةِ وَالجِرْيَةِ الْمُتَغَيِّرةِ" (¬141) قَالَ فِي الشَّامِلِ (¬142): الْجِرْيَةُ: هِيَ مَا بَيْنَ حَافَتَي النَّهْرِ عَرْضًا، عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا. وَالْمَعْنَى: أنَّهَا الْقِطْعَةُ الَّتِى تَجْري مِنَ الْمَاءِ، مَأخُوذَةٌ مِنَ الْجَرىِ (¬143)، فَالْجِرْيَةُ بِالْكسْرِ كَالْكِسْرَةِ مِنَ الْخُبْزِ، وَالْفِلْذَةِ مِنَ اللَّحْمِ، مَأخُوَذَةٌ مِنَ وَالْكَسْرِ وَالْفَلْذِ (¬144).
قَوْلُهُ: "وَالرَّاكِدُ" (¬145) هُوَ الدَّائِمُ السَّاكِنُ الَّذِي لَا يَجْرِى، يُقَالُ: رَكَدَ الْمَاءُ رُكُودًا: إذَا دَامَ وَسَكَنَ (¬146).
قَوْلُهُ: "زَائلٌ عَنْ سَمْتِ الجَرْىِ" أيْ: عَنْ طَرِيِقهِ، قَالَ أبُو عُبَيْدٍ: السَّمْتُ يَكُونُ فِي مَعْنَيَيْنِ أحَدُهُمَا: حُسْنُ الْهَيْئَةِ وَالْمَنْظَرِ فِي الدِّينِ، وَلَيْسَ مِنَ الْجَمَالِ، وَلَكِنْ هَيْئَةِ أَهلِ الْخَيْرِ وَمَنْظَرِهِمْ. وَالْوَجْهُ (¬147) الآخَرُ: السَّمْتُ: الطرِيقُ، يُقَالُ: الْزَمْ هَذَا السَّمْتَ (¬148). وَفُلَان حَسَنُ السَّمْتِ (¬149).
قَوْلُهُ: "وَالتَّحَرِّى فِيهِ" (¬150) التَحَرِّى: طَلَبُ الأحْرَى مِنَ الْأمْرِ، أيْ: الْأغْلَبِ الَّذِي يَنتَهِي الَيْهِ حَدُّ الطَّلَب، يُقَالُ: تَحَرَّيْتُ فِي الأمْرِ: إذَا جْتَهَدْتَ فِي طَلَبِ مَا يَثْبُتُ عِنْدَكَ حَقِيقَتُهُ (¬151). وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} (¬152) قَالَ الهَرَوِي: أَيْ قَصَدُوا طَرِيقَ الْحَقِّ وَاجْتَهَدُوا فِي طَلَبِهِ (¬153).
¬__________
= والصحاح (مقل).
(¬133) غريب الحديث 2/ 216 وتهذيب اللغة 9/ 184 والمحكم 6/ 271، 272. والصحاح (مقل) واللسان (مقل 4245).
(¬134) ما بين القوسين: ليس في خ.
(¬135) في المهذب 1/ 6. وإن طرح فيه تراب أو جص فزال التغير ففيه قولان. . . . إلخ.
(¬136) كذا ذكر ابن السكيت في إصلاح المنطق 32، 174، 224 واقتصر ابن دريد على الفتح جمهرة اللغة 1/ 52 وحمل أبو حاتم الفتح على لغة العامة. وانظر المحكم 7/ 130 والمصباح (جص).
(¬137) في خ: هو ما يبنى به: مضروب عليها ومصحح بالمثبت.
(¬138) المعرب95 وشفاء العليل 90 والألفاظ الفارسية المعربة 38.
(¬139) خ: ماء غمر النجاسة. وفي المهذب 1/ 7: ويطهر بالمكاثرة من غير أن يبلغ قلتين كالأرض النجسة إذا طرح عليها ماء حتى غمر النجاسة.
(¬140) في الصحاح (غمر).
(¬141) في المهذب 1/ 7: فإن كان الماء جاريًا وفيه نجاسة جارية كالميتة والجرية المتغيرة فالماء الذى قبلها طاهر لأنه لم يصل إلى النجاسة.
(¬142)
(¬143) في الصحاح (جرى): ما أشد جرية هذا الماء بالكسر. وقال السرقسطي: فإن أدخلت الهاء: كسرت الجيم، وقلت من الجرى: جرى الماء جرية. الأفعال 2/ 277 والمصباح (جرى).
(¬144) خ: من الفلذ الكسر.
(¬145) في المهذب 1/ 7: وإن كان بعضه جاريًا وبحفه راكدًا. . . والراكد زائل عن سمت الجرى، فوقع في الراكد نجاسة فإن لم يبلغ قلتين فهو نجس.
(¬146) غريب الحديث 1/ 224، 225 والفائق 1/ 441 والنهاية 2/ 258 والصحاح والمصباح (راكد) واللسان (ركد1716).
(¬147) الوجه ليس في ع.
(¬148) غريب الحديث 3/ 384.
(¬149) الفائق 2/ 198، 199 والنهاية 2/ 397.
(¬150) خ: التحرى في الماء وفي المهذب 1/ 8: باب الشك في نجاسة الماء والتحرى فيه.
(¬151) النهاية 1/ 376 والصحاح والمصباح والمغرب (حرى).
(¬152) سورة الجن آية 14.
(¬153) الغريبين ومجاز القرآن للفراء 2/ 272 ومعاني القرآن 3/ 193 وتفسير غريب القرآن 490.

الصفحة 15