كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَنْعَ وَالدَّفْعَ" الدَّفْعُ هَا هُنَا: الإعْطَاءُ، يُقَالُ: دَفَعْتُ إِلَيْهِ شَيْئًا: إِذَا أعْطتَهُ إِيَّاهُ، وَدَفَعْتُ الرَّجُلَ فَانْدَفَعَ، مِثْلُ دَرَأْتَهُ فَانْدَرَأَ، وَالْمُدَفَّعُ بِالتَّشْدِيِدِ: الْفَقِيرُ وَالذَّلِيلُ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَدْفَعُهُ عَن نَفسِهِ (¬10).
* * *
¬__________
(¬10) الصحاح (دفع).
مِنْ بَابِ قَسْم الصَّدَقاتِ
الْقَسْمُ - بِفَتْحِ الْقَافِ: مَصْدَرُ قَسَمَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَىْ: فَرَّقَ وَأَعْطَى كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ، وَأَمَّا الْقِسْمُ بِكَسْرِ الْقَافِ، فَهُوَ اسْم لِلشَّىْءِ الْمَقْسُوم، وَالنَّصِّيبُ، يُقَالُ مِنْهُ (¬1): هَذَا قِسْمِى، أىْ: نَصِيبِى، وَيُجْمَعُ عَلَى أَقْسَامٍ.
قَوْلُهُ: الأمْوَالُ الْبَاطِنَةُ" (¬2) هِىَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَمَا يُسْتَرُ فِى الأَحْرَازِ عَن الْعُيُونِ مِنَ الْجَوَاهِرَ وَسِوَاهَا، وَالأمْوَالُ الظَّاهِرَةُ: هِىَ الأنْعَامُ وَسَائِرُ الْمَوَاشى، وَالْحُبُوبُ وَالأمْتِعَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَرُ فِى الْعَادَةِ بَلْ تَكُونُ ظَاهِرَةً.
قَوْلُهُ: "الإِمَامُ أَنْ يَبْعَثَ السُّعَاةَ" (¬3) وَاحِدُهُمْ: سَاعٍ، وَكُلُّ مَنْ وَلِىَ عَلَى قَوْمٍ، فَهُوَ سَاعٍ عَلَيْهِمْ وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ ذَلِكَ فِى وِلَايَةَ الصَّدَقَةِ، يُقَالُ: سَعَى عَلَيْهَا، أَىْ: عَمِلَ عَلَيْهَا، وَهُمُ السُّعَاةُ، قَالَ (¬5):
سَعَىَ عِقَالًا فَلْمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبَدًا ... . . . . . . . . . . . . . .
قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ (وَسَلَّمَ) (¬6) فِى الصَّدَقَةِ: "مَا يُغْنِيكمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ" (¬7) أَصْلُ الْوَسَخِ: الدَّرَنُ، وَقَدْ وَسِخَ الثَّوْبُ يَوْسَخُ وَتَوَسَّخَ وَاتَّسَخَ، كُلُّهُ بِمَعْنَى (¬8). شَبَّهَ الذُّنُوبَ بِالْوَسَخِ وَالدَّرَنِ الَّذِى يَعْلَقُ بِالْجِسْمِ. وَالصَّدَقَةُ تَذْهَبُ بِالذُّنُوبِ وَتُزِيلُهَا، فَسَمَّاهَا بِالْوَسَخِ الَّذِى تُزِيلُهُ، كَالْمَاءِ الَّذِى يُغْسَلُ بِهِ الْوَسَخُ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِنَفْسِهِ وَسَخًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَة تُطَهرُهُمْ} (¬9) أَىْ: تَغْسِلُهُمْ مِنْ الذُّنُوبِ (¬10).
قَوْلُهُ: "فِى شَهْرِ الْمُحَرَّمِ" (¬11) سُمِّىَ مُحَرَّمًا؛ لِأَنّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ فِيهِ الْحَرْبَ (¬12) وَقِيلَ: لِأَنَّ اللهَ
¬__________
(¬1) منه: ليس فى ع.
(¬2) فى المهذب 1/ 168: يجوز لرب المال أن يفرق زكاة الأموال الباطنة بنفسه.
(¬3) خ: قوله: ويبعث الإمام السعاة. وفى المهذب 1/ 168: يجب على الإمام أن يبعث السعادة لأخذ الصدقة.
(¬4) عن الصحاح (سعى).
(¬5) عمرو بن العداء الكلبى كما فى غريب الحديث 3/ 211 وتهذيب اللغة 1/ 239: الفائق 3/ 14: النهاية 3/ 280 وخزانة الأدب 7/ 581 وعجزه:
. . . . . . . . . . . . . . . ... فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْرٌو عِقَالَيْنِ
(¬6) من ع.
(¬7) خ: إنما هى أوساخ الناس وفى المهذب 1/ 168: روى أن الفضل بن العباس (ر) سأل رسول - صلى الله عليه وسلم - أن يوليه العمالة على الصدقة، فلم يوله، وقال: أليس فى خمس الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس.
(¬8) عن الصحاح (وسخ).
(¬9) سورة التوبة آية 103.
(¬10) معانى الزجاج 2/ 518 ومعانى الفراء 1/ 451.
(¬11) فى المهذب 1/ 169: ويبعث لقبض ما سوى زكاة الزرع والثمار فى المحرم، لما روى عن عثمان (ر) أنه قال فى شهر المحرم: هذا شهر زكاتكم.
(¬12) الأيام والليالى للفراء 9 والأزمنة والأمكنة 1/ 276.

الصفحة 160