كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

تَعَالَى حَرَّمَ فِيهِ الْجَنَّةَ عَلَى إبْلِيسَ حِينَ لَعَنَهُ، وَأهْبَطَهُ إلَى الأرْض.
قَوْلُهُ: "عِنْدَ أَفْنِيَتِهِمْ" (¬13) الْفَنَاءُ: قُدَّامُ الدَّارِ، وَمَا امْتَدَّ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَالْجَمْعُ: أَفْنِيَة (¬14) وَأَرَادَ أَنَّهُمْ لَا تُسَاقُ مَوَاشِيِهِمْ إلَى الْمُصَدِّقِ، فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لهُمْ} (¬15) (الصَّلَاةَ هَا هُنَا: الدُّعَاءُ. أمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ. وَمَعْنَى {سَكَنٌ لَهُمْ} (¬16) أَىْ: يَسْكُنُونَ بِدُعَائِكَ سُكُونَ الرَّاحَةِ وَطِيبِ النَّفْسِ (¬17).
قَولُهُ: "اللَّهُمَّ (¬18) صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ" (¬19) الْمَذْهَبُ أَنَّ قَوْلَ الرَّجُل لِصَاحِبِهِ: صَلَّى الله عَلَيْكَ، يُكْرَهُ؛ لِأنَّ الصَّلَاةَ خَاصَّة لِلنَبِىَّ (¬20) صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ صل على آلِ أَبِي أوْفَى" فَإِنَّ الصَّلَاةُ لَمَّا كَانَتْ خَاصَّةً (20) لِلنَّبِىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ لَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَيْثُ شَاءَ (¬21). وَأَرَادَ بِآلِ أَبِى أَوْفَى: نَفْسَ أَبِى أَوْفَى هَا هُنَا (¬22).
قَوْلُهُ: "وَإِنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ أوْ غَلَّ" (¬23) يَعْنى: أَخْفَى وَخَانَ، يُقَالُ: غَلَّ الْجَزَّارُ الشَّاةَ: إِذَا أَسَاءَ سَلْخَهَا، فَأَخَذَ مَعَ (¬24) الْجِلْدِ شَيْئًا مِنَ اللَّحْمِ (¬25)، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَنْ يَغُلَّ} (¬26) أَىْ: يَخُونَ.
قَوْلُهُ: "خَلَّفَهُ احْتِيَاطًا" (¬27) أَىْ: أَخْذًا بِالْحَزْم وَالثِّقَةِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: احْتَاطَ الرَّجُلُ لِنَفسِهِ: إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَأَصْلُ الإِحَاطَةِ بِالشَّىْءِ: الْأَخْذُ مِنْ جَوَانِبِهِ، وَمِنْهُ سُمِّىَ الْحَائِطُ، وَهُوَ الْجِدَارُ.
قَوْلُهُ: "فَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ" (¬28) يُقَالُ: نَكَلَ عَنِ الْعَدُوِّ وَالْيَمِينِ يَنْكُلُ بِالضَّمِّ، أَىْ: جَبُنَ وَحَادَ. وَقَالَ أبُو عُبَيْدَةَ (¬29): نَكِلَ بِالْكَسْرِ: لُغةٌ فِيهِ، وَأَنْكَرَهُ الْأصْمَعِىُّ (¬30).
قَوْلُهُ: "يُصَادِفُ فِيهِ الإِدَراكَ" (¬31): يُقَالُ: أَدْرَكَت الثَّمَرَةُ: إِذَا بَلَغَتْ حَدَّ نُضْجِهَا، وَصَلُحَتْ لِلأكْلِ. وَأَصْلُ الإِدَراكَ: اللُّحُوقُ. يُقَالُ: مَشَيْتُ حَتَى أَدَرَكْتُهُ (¬32).
قَوْلُهُ: "جِزْيَةً أَوْ صَغَارًا" (¬33) الْجِزْيَةُ أَصْلُهَا: الْفِدَاءُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِى
¬__________
(¬13) فى المهذب 1/ 169 روى عبد الله ابن عمرو بن العاص أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "تؤخذ صدقات المسلمين عند مياههم وعند أفنيتهم".
(¬14) الصحاح (فنى) والمصباح (فنى).
(¬15) سورة التوبة آية 103.
(¬16) ما بين القوسين ساقط من ع.
(¬17) معانى الفراء 1/ 451، ومعانى الزجاج 2/ 518.
(¬18) اللهم: ليس فى ع.
(¬19) فى المهذب 1/ 169: والمستحب أن يقول: اللهم صل على آل فلان، لما روى عبد الله بن أبى أوفى قال: جاء أبى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة ماله، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم صل على آل أبى أوفى.
(¬20) ع: بالنبى.
(¬21) النهاية 3/ 50.
(¬22) قال ابن الأنبارى فى حديث أبى أوفى: معناه: ترجم عليه. الزاهر 1/ 138 وانظر النهاية.
(¬23) فى المهذب 1/ 169: وإن منع الزكاة أو غل أخذ منه الفرض وعزره على المنع والغلول.
(¬24) ع: فى.
(¬25) الصحاح (علل).
(¬26) سورة آل عمران آية 161: وقرىء {يَغُل} بفتح الياء وضم الغين، وهى قراءة ابن عباس وأبى عبد الله السلمى وابن كثير وأبى عمرو وعاصم وقرىء: يُغَلُّ بضم الياء وفتح الغين وهى قراءة أبى جعفر ونافع وابن عامر وحمزة والكسائى وخلف ويعقوب قال الفراء: وذلك جائز فيكون مثل قوله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} و {يُكَذِّبُونَكَ} أنظر معانى الفراء 1/ 246 والكشف 1/ 363 والمبسوط 171 وتفسير القرطبى 1496، 1497.
(¬27) خ: يحلف احتياطًا وفى المهذب 1/ 169: وإن قال رب المال: لم يحل الحول على المال فالقول قوله فإن رأى أن يحلفه حلفه احتياطًا.
(¬28) فى المهذب 1/ 169: فإن نكل عن اليمين أخذت منها الزكاة.
(¬29) ع: أبو عبيد: تحريف والمثبت من خ والصحاح؛ النقل عنه.
(¬30) الصحاح (نكل): فى العين 5/ 371: ونَكِلَ يَنْكَلُ تَمِيمِية وَنَكل حجازية. وانظر المصباح (نكل).
(¬31) فى المهذب 1/ 169: ويبعث السعى لزكاة الثمار والزروع فى الوقت الذى يصادف فيه الإدراك.
(¬32) الصحاح (درك).
(¬33) فى المهذب 1/ 169: ويستحب أن يكتب فى ماشية الزكاة: الله، أو زكاة وفى ماشية الجزية: جزية أو صغار.

الصفحة 161