كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} (¬34) وَالصَّغارُ: الذُّلُّ وَالضَّيْمُ، وَكَذَاِكَ الصُّغْرُ بِالضَّمِّ وَالْمَصْدَرُ: الصَّغَرُ بِالتَّحْرِيكِ، وَقَدْ صَغِرَ (الرَّجُلُ) (¬35) يَصْغَرُ صَغَرًا. يُقَالُ: قُمْ عَلَى صَغَرِكَ وَصُغْرِكَ، وَالصَّاغِرُ: الرَّاضى بِالضَّيْم (¬36).
قَوْلُهُ: "أَصْنَافٍ" (¬37) هِىَ الْأنْوَاعُ، وَاحِدُهَا صِنْفٌ، بِكَسْرِ الصَّادِ. وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ فَتْحَهَا (¬38).
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} الآيَةُ (¬39).الْفَقِيرُ: الَّذِى لَا شَىْءَ لَهُ، وَأَصْلُهُ الَّذِى يَشْتَكِى فَقَارَهُ، وَهِىَ عِظَامُ الظَّهْرِ، كَأَنهُ لِسُوءِ حَالِهِ مُنْقَطِعُ (الظَّهْرِ) (¬40). وَالْمِسْكِينُ: مَأْخُوذٌ مِنَ السُّكُونِ، وَهُوَ ضِدُّ الْحَرَكَةِ، كَأَنهُ لَا يَقْدِرُ (عَلَى) (¬41) أَنْ يَتَحَركَ؛ لِمَا بِهِ مِنَ الضُّر، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ السِّكِّينُ؛ لِأَنَّهَا تُسَكِّنُ الذَّبِيحَةَ، فَلَا تَتَحَرَّكْ (¬42).
وحُجَّةُ أَبِى إِسْحَاقَ فِى المِسْكِينِ، أَنَّهُ أَسْوَأ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتربَةٍ} (¬43) فَوَصْفُ الْمِسْكِينِ: أَنَّه أُلْصِقَ بَطْنَهُ بِالأَرْضِ مِنَ الشِّدَّةِ. وَغَيْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْفَقِيرِ (¬44).
وَالْعَامِلُونَ عَلَيْهَا: هُمُ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ أَمْرَهَا، وَأَصْلُ الْعَامِلِ: الَّذِى يَتَوَلَّى الأعْمَالَ، يُقَالُ: عَمَّلْتُ (¬45) فُلَانًا عَلَى الْبَصْرَةِ، وَالْعُمَالَةُ - بِالضَّمِّ: رِزْقُ الْعَامِلِ.
وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ: هُمْ مِنْ أَلَّفَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ تَأَلِيفًا، أَىْ: اتَّفَقَا وَاجْتَمَعَا بعَمَلِهِ، وتَأَلفْتُهُ عَلَى الإِسْلَام وَألَّفْتُ الْبنَاءَ: جَمَعْتُ بَيْنَ أَجْزَائِهِ حَجَرًا إِلَى حَجَرٍ وَلَبِنَة إِلَى لَبِنَةٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى {لِإيِلَافِ قُرَيْش إِيلَافِهِمْ} (¬46) يَقُولُ (الله) (¬47) تَعَالَى: أَهْلَكْتُ أَصْحَابَ الْفِيلِ؛ لأُولِفَ قُرَيْشًا مَكَّةَ، وَلِتُؤَلِّفَ قرَيْشٌ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ أَىْ: تَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إِذَا فَرَغُوا مِنْ ذِهِ أخَذُوا فِى ذِه (¬48).
وَفِى الرِّقَابِ: هُمُ الْمُكَاتَبُونَ، سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأنهُمْ جَعَلُوا فِى رِقَابِهِمْ مالًا لَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُمْ، أَوْ لِأَنَّهُمْ يُعْطوْنَ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يَفُكُّونَ بِهِ رِقَابَهُمْ (¬49).
وَالْغَارِمُونَ (¬50): جَمْعُ غَارِمٍ، وَهُوَ مَنْ غَرِمَ مَالًا فِى دَيْنٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. قَالَ الْقُتَيْبِىُّ (¬51): هُوَ الَّذِى (عَلَيْهِ) (¬52) الَّدَّيْنُ وَلَا يَجِدُ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ هُوَ الْخُسْرَانُ (¬53)، فَكَأَنَّ الْغَارِمَ خَسِرَ مَالَهُ (¬54).
¬__________
(¬34) سورة البقرة آية 48 وتجزى بمعنى: تقضى وتغنى، يقال جزى عنى فلان بغير همز أى: ناب عنى. وانظر تفسير غريب القرآن 48 والكشاف 1/ 213 ومعانى الزجاج 1/ 98.
(¬35) من ع.
(¬36) عن الصحاح (صغر).
(¬37) خ: الأصناف. وفى المهذب 1/ 170: ويجب صرف جميع الصدقات إلى ثمانية أصناف وهم الفقراء والمساكين، والعاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفى الرقاب، والغارمون وفى سبيل الله، وابن السبيل.
(¬38) كذا عن الجوهرى فى الصحاح (صنف) وفى إصلاح المنطق 32: يقال: صِنْفٌ وَصَنْفٌ من المتاع. وكذا فى أدب الكاتب 528.
(¬39) سورة التوبة آية 60.
(¬40) الظهر: ساقط من خ.
(¬41) على: ليس فى خ.
(¬42) وهذا مذهب أبي اسحاق الزجاج فى اشتقاق المسكين من السكون. قال: المسكين: الذى أسكنه الفقر أى: قلل حركته. وهذا بعيد لأن مسكينا فى معنى فاعل وقول الزجاج يخرجه إلى معنى مفعول وهو مفعيل من السكون. أنظر اللسان (سكن 3054).
(¬43) سورة البلد آية 16.
(¬44) انظر الفرق بين المسكين والفقير فى الزاهر 1/ 225، 226 واللسان (فقر 3444).
(¬45) ع: عمل. والمثبت من خ والصحاح والنقل عنه.
(¬46) سورة قريش آية 1، 2.
(¬47) من ع وفى الصحاح: يقول تعالى. والنقل عنه.
(¬48) بعده فى الصحاح: وهذا كما تقول: ضربته لكذا لكذا فحذف الى الواو. وقال الفراء: إنه تبارك وتعالى عجب نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اعجب يا محمد لنعم الله تبارك وتعالى على قريش فى إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. معانى القرآن 3/ 293. وجعل أبو عبيدة لإيلاف قريش مسببا عما فعل الله بأصحاب الفيل. مجاز القرآن 2/ 313 وكذا الأخفش فى معانى القرآن 545 وانظر تفسر غريب القرآن 539. والغريبين 1/ 67 - 69.
(¬49) معانى القرآن للفراء 1/ 443 وللزجاج 2/ 505 وتفسير غريب القرآن 189.
(¬50) ع، خ والغارمين، وصوب فى حاشية خ بالمثبت وكتب فوقها: معا. يعنى بصحة الغارمين على قصد لفظه فى الآية.
(¬51) فى تفسير غريب القرآن 189.
(¬52) خ: غله والمثبت من ع وتفسير القتيبى.
(¬53) عبارة القتيبى: وأصل الغرم: الخسران.
(¬54) القتيبى: هو الذى خسر ماله.

الصفحة 162