كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَلَا يُقَالُ لِمَنْ وَجَدَ الْقَضَاءَ: غَارِمٌ، وَإِنْ كَانَ مُثْقَلًا بِالدَّيْنِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِقَوْلِهِ صَلُّى الله عَلَيْهِ وَسَلُّمَ: "لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إِلَّا لِثَلَاثَة (¬55) " فَذَكَرَ - الْغَارِمَ.
فِى سَبِيلِ اللهِ: هُمُ الْمُجَاهِدُون (¬56). وَسُمِّىَ الْجِهَادُ: فِى سَبِيلِ اللهِ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِقطْعِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيرِ إِلَى مَوْضِعِ الْجِهَادِ. وَأُضِيفَ إِلَى اللهِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ.
وَابْنُ السَّبِيلِ: هُوَ الْمُسَافِرُ (¬57). وَالسَّبِيلُ: هَوَ الطَّرِيقُ، وَأُضِيفَ إِلَيْهِ بِالْبُنُوَّةِ، لِمُلَازَمَتِهِ. لَهُ (¬58) وَاشْتِغَالِهِ بِهِ، كَمَا يُقَالُ لِلْعَالِمِ بِالأُمُورِ: ابْنُ بَجْدَتِهَا، وَأَبْنَاءُ الدُّنْيَا: لِلْمُتْرَفِينَ وَالْمَشْغُولِينَ بِهَا. وَفُلَانٌ ابْنُ الْجُودِ وَابْنُ الْكَرَمِ: إِذَا كَانَ جَوَادًا كَرِيمًا، كَمَا يُقَالُ: هُوَ أَخُو الْجُودِ وَرَضِيعُهُ، كُلُّ ذَلِكَ لِمُوَاظَبَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِيهِ.
وَالْمُوَاسَاةُ (¬59): أَنْ تَجْعَلَهُ إِسْوَتَهُ فِى مَالِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ (¬60).
قَوْلُهُ: "وَيُعْطى الْحَاشِرُ" (¬61) هُوَ الَّذِى يَجْمَعُ الْمَوَاشى إلَى الْمُصَدِّقِ عِنْدَ الْمَاءِ، أَوْ إِلَى (مَوْضِعِهِ) (¬62) وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْعَثْ فِى الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} (¬63) أَىْ: يَجْمَعُونَ النَّاسَ، وَيَوْمُ الْحَشْرِ: يَوْمُ الْجَمْعِ.
وَالْعَرِيفُ: فَعِيلٌ مِنَ الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ الَّذِى يَعْرِفُ أَرْبَابَ الْمَوَاشِى، وَحَيْثُ يَنَتَجِعُونَ مِنَ الْبِلَادِ، وَكَمْ عَدَدُ مَوَاشِيهِمْ، وَيُحِيطُ بِهِمْ خِبْرَةً.
قَوْلُهُ: "أوْ بِضَاعَةٍ يَتَّجِرُ فِيهَا" (¬64) قَالَ الْجَوهَرِىُّ: الْبِضَاعَةُ: طَائِفَةٌ مِنْ مَالِكَ تَبْعَثُهَا لِلتِّجَارَةِ، يُقَالُ: أَبْضَعْتُ الشَّيْىَء وَاسْتَبْضَعْتُهُ: أَىْ: جَعَلْتَهُ بِضَاعَةً، وَفِى الْمَثلِ: "كَمُسْتَبْضِعِ تَمْرٍ إِلَى هَجَرَ" (¬65)، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ} (¬66) مِنْ هَذَا، وَ {مُزْجَاةٍ} قَلِيلَةٍ (¬67).
قَوْلُهُ (¬68): "صَعَّدَ بَصَرَهُ (¬69) (¬70) فِيهِمَا وَصَوَّبَ" أَىْ: رَفَعَهُ وَخَفَضَهُ يَتَأَمَّلُ قُوَّتَهُمَا أَوْ ضَعْفَهُمَا، هَلْ يَقْدِرَانِ عَلَى الْكَسْبِ، أَوْ الْهَيْئَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْغِنَى.
قَوْلُهُ: "لإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ" (¬71) أَصْلُ الْبَيْنِ: الْبُعْدُ وَالْفِرَاقُ، يُقَالُ: بَان الرَّجُلُ عَنْ صَاحِبِهِ وَعَنْ
¬__________
(¬55) فى معالم السنن 2/ 63: عن عطاء بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تحل الصدقة لغنى إِلا لخمسة: لغاز فى سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغنى وانظر غريب الخطابى 1/ 143.
(¬56) معانى الفراء 1/ 444 ومعانى الزجاج 2/ 505.
(¬57) الفراء: هو المنقطع به والضيف. الزجاج: وتأويله: هو الذى قطع عليه الطريق.
(¬58) له: ساقطة من ع.
(¬59) فى المهذب 1/ 171: سهم للعامل وهو أول ما يبدأ به لأنه يأخذه على وجه العوض وغيره يأخذه على وجه المواساة.
(¬60) ص 139.
(¬61) فى المهذب 1/ 171: ويعطى الحاشر والعريف من سهم العامل؛ لأنهم من جملة العمال.
(¬62) ح: موضع.
(¬63) سورة الشعراء آية 36.
(¬64) فى المهذب 1/ 171: يدفع إليه (الفقير) ما تزول به حاجته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة أو بضاعة يتجر فيها.
(¬65) فصل المقال 413، 414 وذلك أن هجر معدن التمر، ويقال: كمستبضع التمر إلى خيبر. مجمع الأمثال 3/ 39.
(¬66) سورة يوسف آية 88.
(¬67) مجاز القرآن 1/ 317 ومعانى القرآن 2/ 55 وتفسير غريب القرآن 222 وتفسير الطبرى 13/ 13.
(¬68) قوله: ليس فى ع، فى المهذب 1/ 171: روى أن رجلين سألا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصدقة فصعد ببصره إليهما وصوب، وقال: أعطيكما بعد أن أعلمكما أنه لاحظ فيها لغنى ولا قوى مكتسب.
(¬69) خ: نظره.
(¬70) كذا فى ع وخ وفى المهذب إليهما.
(¬71) فى المهذب 1/ 172: وسهم للغارمين وهم ضربان ضرب غرم لإصلاح ذات البين وضرب غرم لمصلحة نفسه.

الصفحة 163