كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَطَنِهِ: إِذَا فَارَقَهُ. وَبَيْنَهُمَا بَيْنٌ بَعِيدٌ وَبَوْنٌ بَعِيدٌ، وَالْوَاوُ أَفْصَحُ (¬72)، فَكَأَنَّ الْمُصْلِح يَجْمَعُ بَيْنَ الْمُتَبَاعِدَيْنِ وَيُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقَيْنِ (¬73)، وَأَتَى بِلَفْظِةِ "ذَاتِ" كَأَنَّهُ أَقَامَهَا مَقَامَ صِفَةِ الْحَالِ أَوْ الْخَصْلَةِ، كَأَنَّهُ أَرَادَ إِصْلَاحِ الْحَالِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَأَقَامَ الصِّفَةَ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ (¬74) قِيَاسًا مِنِّى (¬75).
قَوْلُهُ: "وَحَمُولَة تَحْمِلُهُ" (¬76) الْحَمُولَة - بِفَتْحِ الْحَاءِ: هِىَ الإِبِلُ الَّتِىِ يُحْمَلُ عَلَيْهَا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} (¬77) فَأَمَّا الحُمُولَةُ - بِضَمِّ الْحَاءِ: فهُوَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنَ الأَمْتِعَةِ (¬78).
قَوْلُهُ: "يُنْشِىءُ السَّفَرَ" (¬79) أَىْ: يَبْتَدِئُهُ مِنْ فَورِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} (¬80) أَىْ: يَبْتَدِئُهَا وَيُحْدِثُهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلُ مَوْجُودَةً.
قَوْلُهُ: "إِذَا نُقِلَ إِلَى مَسَافَةٍ" (¬81) الْمَسَافَةُ: الْبُعْدُ، وَأَصْلُهَا مِنَ الشَّمِّ، يُقَالُ: سَافَهُ وَاسْتَافَهُ: إِذَا شَمَّهُ (¬82) وَكَانَ الدَّلِيلُ إِذَا وَقَعَ (¬83) فِى فَلَاةٍ أَخَذَ التُرَابَ فَشَمَّهُ، لِيَعْلَمَ أَعَلَى قَصْدٍ هُوَ أَمْ عَلَى جَوْرٍ، قَالَ رُؤْبَةُ (¬84):
*إِذَا الدَّلِيلُ اسْتَافَ أَخْلَاقَ الطُّرُقْ*
وَكَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، حَتَّى سَمَّوْا الْبُعْدَ مَسَافَةً (¬85) وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُذْكَرَ فِى بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ.
قَوْلُهُ: "الْخِيَمِ الَّذِينَ يَنْتَجِعُونَ لِطَلَبِ الْمَاءِ وَالْكَلَاءِ" (¬86) الْخِيَمُ: وَهِىَ: بَيْتٌ تَبْنِيهِ الْعَرَبُ مِنْ عِيدَانِ الشَّجَرِ، وَأَصْلُهُ: مِنْ خَيَّمَ بِالْمَكَانِ: إِذَا أَقَامَ، وَضُرِبَتْ (¬87) خَيْمَتُهُ لِلإِقَامَةِ (¬88)، قالَ زُهِيرٌ (¬89):
. . . . . . . . . . . . ... وَضَعْنَ عِصِىَّ الْحَاضِرِ المُتَخَيِّمِ
وَيَنْتَجِعُونَ (¬90)، أَىْ: يَرْتَحِلُونَ (¬91) فِى الْكَلَأ وَالْمَرْعَى. وَهِىَ: النُّجْعَةُ بَالضَّمِّ، تَقولُ: انْتَجَعْتُ فُلَانًا إِذَا أَتَيْتَهُ تَطْلُبُ (¬92) مَعْرُوفَهُ، وَالْمُنْتَجَعُ: بِفَتْحِ الْجِيمِ: الْمَنْزِلُ فِى طَلَبِ الْكَلَأِ، وَهَؤُلاءِ قَوْمٌ نَاجِعَةٌ وَمُنْتَجِعُونَ (¬93) وَقَدْ نَجَعُوا (يَنْجَعُونَ) (¬94) فِى مَعْنَى انتجَعُوا [يَنْتَجِعُونَ] (¬95) عَنْ يَعْقُوبَ (¬96).
¬__________
(¬72) عن الصحاح وقال الجوهرى: فأما فى البعد، فيقال: إن بينهما لبينا لا غير. والبين الوصل أيضا وقرىء: {لَقَدَ تَقَطعَ بَيِنَكُمْ} بالرفع والنصب وانظر ثلاثة كتب فى الأضداد 52، 204، 225.
(¬73) ع: المفترقين.
(¬74) انظر معانى الأخفش 2/ 371 ومعانى الزجاج 2/ 442 والكشاف 2/ 3 والغريبين 1/ 234 والبيان 1/ 383.
(¬75) قياسا منى: ليس فى ع.
(¬76) فى المهذب 1/ 173: فى سبيل الله: يعطى ما يستعين به على الغزو من نفقة الطريق وما يشترى به السلاح والفرس إن كان فارسا وما يعطى السائس وحمولة تحمله. وفى خ أو حمولة.
(¬77) سورة الأنفال آية 142.
(¬78) معانى الفراء 1/ 359.
(¬79) فى المهذب 1/ 173: وسهم لابن السبيل وهو المسافر أو من ينشىء السفر وهو محتاج فى سفره.
(¬80) سورة الرعد آية 12.
(¬81) فى المهذب 1/ 173: وفى الموضع الذى تنقل إليه طريقان: من أصحابنا من قال: القولان فيه إذا نقل إلى مسافة تقصر فيها الصلاة وفى خ: فإن نقلها.
(¬82) ع: ساف واستاف: إذا شم.
(¬83) كذا فى خ وع وفى الصحاح: كان والنقل عنه.
(¬84) مجموع أشعار العرب 104 وأنظر الصحاح (سوف).
(¬85) الصحاح (سوف).
(¬86) فى المهذب 1/ 174: وَإن وجبت الزكاة وهو من أهل الْخِيَمِ الذين ينتجعون لطلب الماء والكلأ فإنّه ينظر فيه. . . . إلخ.
(¬87) ع: ضرب.
(¬88) عن الصحاح (خيم).
(¬89) ديوانه 13 وصدره: فَلَمَّا وَرَدْنَ الْمَاءَ رُزْقًا جِمَامُهُ ... . . . . . . . . . . . . . .
(¬90) ع: وقوله ينتجعون.
(¬91) ع: يرحلون.
(¬92) ع: لطلب.
(¬93) ع: وناجعون.
(¬94) خ ينتجعون والمثبت من ع والصحاح والنقل عنه.
(¬95) من الصحاح (نجع).
(¬96) عبارة ابن السكيت فى إصلاح المنطق 383: هؤلاء قوم ناجعة ومنتجعون، وقد نجعوا فى معنى انتجعوا.

الصفحة 164