كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

ابْدَأَنْ مِنْ نَجْدٍ عَلَى ثِقَةٍ ... وَالشَّهْرُ مِثّلُ قُلَامَةِ الظُّفْرِ
وَرَمَضَانُ: مَأْخُوذٌ مِنْ رَمِضَ الصَّائِمُ: إِذَا حَرَّ جَوْفُهُ مِنَ الْعَطَشِ. وَالرَّمْضَاءُ: الْحَرُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: رَمَضَانُ اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ الله [تَعَالَى]. وَفِيهِ أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ، هَذَا أَجْوَدُهَا (¬13).
قَوْلُهُ: "رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإسْلَامِ" أَرْكَانُ كُلِّ شَىْءٍ: نَوَاحِيهِ وَأَركَانُ الْجَبَلِ: جَوَانِبُهُ، وَمِنْهُ: أَرْكَانُ الْبَيْتِ، فَأْرَادَ أَنْ الصَّوْمَ أَحَدُ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، أَىْ: جَوَانِبُهُ الّتِى بُنِىَ عَلَيْهَا، كَمَا أَنَّهُ مَتَى اخْتَلَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْتِ: فَسَدَ وَاخْتَلَّ بِنَاوهُ، وَكَذَلِكَ أَرْكَانُ الإِسْلَامِ، مَتَى فُقِدَ مِنْهَا رُكْنٌ لَمْ يَتِم الإسْلَام.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْفَرْضِ: أَنْ الرُّكْنَ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَلَا يَتِمُّ الْعَمَلُ إِلَّا بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا، وَالْفَرْضُ مَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ.
قَوْلُهُ: "يَتَحَتَمُ وُجُوبُ ذَلِكَ" (¬14) الْحَتْمُ: إِحْكَامُ الأَمْرِ، وَالْحَتْمُ أيْضًا: الْقَضَاءُ، وَحَتَمْتُ عَلَيْهِ الشَّىْءَ: أَوْجَبْتُ (¬15) فَمَعْناهُ: يَجِبُ وُجُوبًا مُحْكَمًا (¬16) مَقْضِيًّا بِهِ، لَا نَقْضَ فِيهِ وَلَا رَدَّ.
قَوْلُهُ: "يَسْقُطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ" (¬17): هُوَ مَا تُكُلَّفَ بِهِ (¬18) الإِنْسَانً مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَاِلصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا مِنَ الْفُرُوضِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَمِيلُ إِلَى الرَّاحَةِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ، فَفَرْضُهَا عَلَيْهِ تَكْلِيفُ مَشَقَّةٍ لَا تَشْتَهِيهَا نَفْسُهُ، يُقَالُ: كَلَّفْتُهُ تَكْلِيفًا، أَىْ: أمَرْتُهُ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَهُوَ مُكَلَّف (¬19). وَالْمُكَلَّفُ فِى الشَّرْعِ: هُوَ الَّذِى وُجِدَتْ فِيهِ شَرَائِطُ التَّكْلِيفِ، مِنَ الْبُلُوغِ وَالإِسْلَام، وَغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ (¬20) {يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬21) مَا قَدْ مَضَى، يُقَالُ: سَلَفَ يَسْلُفُ سَلَفًا، مِثْلُ (¬22) طَلَبَ يَطْلُبُ طَلَبًا، أَىْ: مَضَى، وَالسَّلَفُ الْمُتَقَدِّمُون (¬23).
قَوْلُهُ: "الَّذِى يَجْهَدُهُ الصَّوْمُ" (¬24) يَجُوزُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْهَاءِ، وَيَجُوزُ يَجْهِدُهُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْر الْهَاءِ يُقَالُ: جَهَدَهُ (الصَّوْمُ) (¬25) بِالْفَتْج يَجْهَدُهُ، مَفْتُوحٌ أيْضًا: إِذَا شَقَّ عَلَيْهِ، فُتحَ لِأجْلِ حَرْفِ الْحَلْقِ، وَأَجْهَدَهُ الصَّوْمُ بِالْهَمْزِ يُجْهَدُهُ أيْضًا (¬26)، وَالأوَّلُ أَفْصَحُ (¬27).
قَوْلُهُ (¬28): {مِنْ حَرَجٍ} مِنْ (¬29) ضِيق، وَقَدْ ذُكِرَ (¬30).
¬__________
(¬13) انظر مشارق الأنوار 1/ 291 وغريب الخطابى 1/ 454 والنهاية 2/ 264 واللسان (رمض 1730) والصحاح (رمض).
(¬14) فى المهذب 1/ 177: ويتحتم وجوب ذلك على كل مسلم بالغ عاقل طاهر قادر مقيم.
(¬15) الصحاح (حتم).
(¬16) ع: محتما.
(¬17) خ: سقط عنه التكليف. وفى المهذب 1/ 177: فى المجنون. فإن أفاق لم يجب عليه قضاء ما فاته فى حال الجنون لأنه صوم فات فى حال يسقط فيه التكليف لنقص فلم يجب قضاؤه.
(¬18) به: من ع.
(¬19) الصحاح والمصباح (كلف) واللسان (كلف 3916).
(¬20) فى المهذب 1/ 177: فى حال الكافر: لا يؤاخذ بقضاء ما تركه ولا بضمان ما أتلفه ولهذا قال الله عز وجل: {قُلْ لِلذِينَ كَفَرُوا إِنَ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}.
(¬21) سورة الأنفال آية 38.
(¬22) ع: من. وفى الصحاح: مثال والنقل عنه.
(¬23) فى الصحاح: والسُّلَّافُ: المتقدمون. وفى المصباح: الجمع سَلَفٌ مثل خدم وخدام.
(¬24) فى المهذب 1/ 178: ومن لا يقدر على الصوم بحال وهو الشيخ الكبير الذى يجهده الصوم والمريض الذى لا يرجى برؤه فإنّه لا يجب عليه الصوم.
(¬25) من ع.
(¬26) الصحاح والمصباح (جهد) وفعلت وأفعلت للزجاج 18.
(¬27) وضعه ثعلب فى الفصيح فى باب فعلت بغير ألف 269 ولم يذكر ابن السكيت أجهد فى جهد. إصلاح المنطق 188 غير أن ابن قتيبة ذكرها فى أدب الكاتب 435.
(¬28) فى المهذب 1/ 178: لقوله عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} سورة الحج آية 78.
(¬29) ع: أى.
(¬30) وقد ذكر ليس فى ع.

الصفحة 170