كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَشَاهِدَا عَدْلٍ، وَشُهُودُ عَدْلٍ. وَلَا يُقَالُ: عَدْلَانِ وَلَا عُدُولٌ (¬59). وَأْصْلُهُ (¬60): الاعْتِدَالُ وَالاسْتِقَامَةُ (¬61) ضِدُّ الْمَيْلِ وَالانْحِرَافِ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَدْلُ: الْمَيْلُ، يُقَالُ: عَدَلَ عَنِ الطَّرَيقِ وَعَنِ الْحَقِّ: إِذَا مَالَ وَهُوَ مِنَ الأضْدَادِ.
قَوْلُهُ: "نَنْسُكْ - وَنَسَكْنَا بِشَهَادَتِهِمَا" النُّسُكُ - هَا هُنَا: الْعِبَادَةُ: يُقَالُ: نَسَكَ وَتَنَسَّكَ (¬62) أَىْ: تَعَبَّدَ. وَنَسُكَ بِالضَّمِّ نَسَاكَةً، أَىْ: صَارَ نَاسِكًا (¬63).
قَوْلُهُ: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ" (¬64) هُوَ تَفَاعَلَ مِنَ الرُّؤْيَةِ (¬65)، وَالْمُفَاعَلَةُ تَكُونُ مِن اثْنَيْنِ، أَىْ: جَعَلَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: أَنَا أَرَاهُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: لَا أَرَاهُ، وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَمِنْهُ: {تَرَاءَى الْجَمْعَانَ} (¬66).
قَوْلُهُ: "وَعَرَفَ رَجُلٌ الْحِسَابَ وَمَنَازِلَ الْقَمْرِ" (¬67) هُوَ حِسَابٌ يَعْمَلُهُ أَهْلُ النُّجُومِ بِضَرْبٍ يَضْرِبُونَهُ، يَعْرِفُونَ بِهِ دُخُولَ الشَّهْرِ وَخُرُوجَهُ، وَدُخُولَ السَّنَةِ، فَمَنْ أَحْكَمَ ذَلِكَ وَعَرَفَهُ مَعْرِفةً صَحِيحَةً مُتَحَقِّقَةً: لَزِمَهُ الصَّوْمُ فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، كَمَا ذَكَرَهُ (¬68) الشَّيْخُ، وَمَنَازِلُ الْقَمَرِ: لَمْ يُرِدْ الثَّمَانِيَةَ وَالْعِشْرِينَ مَنْزِلًا الْمَعْرُوفَةَ، بَلْ هُوَ حِسَابٌ لَهُمْ أَيْضًا، يَقُولُونَ: إِذَا نَزَلَ الْقَمَرُ أَوْ الشَّمْسُ (¬69) الْبُرْجَ الْفُلَانِىَّ: دَخَلَ شَهْرُ كَذَا وَسَنَة كَذَا وَيَدَّعِى الْمُنَجِّمُونَ وُقُوع خَيْرٍ وَشَرٍّ عِنْدَ ذَلِكَ بِحِسَابِهِمْ (¬70) وَلَيْسَ بِصَحِيحِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِىُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "مَنْ صَدَّقَ مُنَجِّمًا فَقَدْ كَفَرَ".
قَوْلُهُ: "وَإِنْ اشْتَبَهَت الشُّهُورُ عَلَى أَسِير تَحَرَّى" (¬71) أَىْ: اجْتَهَدَ فِى طَلَبِ الشَّهْرِ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الاسْتِدْلَالَ.
قَوْلُهُ (¬72) فِى الْحَدِيثِ: "مَنْ لَمْ يُبَيِّت الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ" يَعْنِى: يَنْوِيهِ بِاللَّيْلِ، يُقَالُ: بَيَّتَ رَأَيَهُ: إِذَا فَكَّرَ فِيهِ لَيْلًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} (¬73) وَقَالَ الزَّجَّاجُ (¬74) كُلُّ مَا فُكَّرَ فِيهِ أَوْ خِيضَ فِيهِ بِلَيْلٍ، أَىْ: دُبِّرَ بِلَيْلٍ. وَسُمِّىَ الْبَيْتُ بَيْتًا؛ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ بِاللَّيْلِ. وَيُقَالُ: بَيَّتّهَمُ الْعَدُو: إِذَا جَاءَهُمْ (¬75) لَيْلًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِنُبَيِّتَنَّهُ وَأْهْلَهُ} (¬76) {وَاللهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} (¬77).
قَوْلُهُ: "صَوْمُ التَّطَوُّعِ" (¬78) هُوَ أَنْ يَفْعَلَ الشَّىْءَ بِطَوَاعِيَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاهٍ وَلَا جَبْرٍ، وَالتَّطوُّعُ كَالتَّبَرُّعِ {فَطَوَّعَتْ (¬79) لَهُ نَفْسُهُ} (¬80) أَىْ: رَخَّصَتْ وَسَهَّلَتْ (¬81). وَالطَّوْعُ (¬82): الانْقِيَادُ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاع، يُقَالُ:
¬__________
= لرؤيته فإن لم نره فهذا شاهدًا عدل نسكنا بشهادتهما.
(¬59) المحكم 2/ 9، 10 وتهذيب اللغة 2/ 212 ونقل عن يونس: جائز أن يقال هما عدلان، وهم عدول وامرأة عدل. وانظر اللسان (عدل 2838).
(¬60) ع: الأصل.
(¬61) ع: عن: تحريف.
(¬62) ع: ينسك.
(¬63) عن الصحاح (نسك) وانظر المصباح (نسك).
(¬64) فى المهذب 1/ 179: روى ابن عمر (ر) قال: تراءى الناس الهلال فأخبرت النبى - صلى الله عليه وسلم - أنى رأيته فصام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر الناس بالصيام.
(¬65) النهاية 2/ 177.
(¬66) سورة الشعراء آية 61.
(¬67) خ: إذا عرف. وفى المهذب 1/ 180: وإن غم عليهم الهلال وعرف رجل الحساب ومنازل القمر وعرف بالحساب أنه من شهر رمضان ففيه وجهان: يلزمه الصوم لأنه عرف الشهر بدليل فأشبه إذا عرف بالبينة: والثانى لا يلزمه لأنا ما نتعبد إِلا بالرؤية.
(¬68) ع: ذكر.
(¬69) ع: نزلت الشمس والقمر.
(¬70) ع: لحسابهم.
(¬71) المهذب 1/ 180.
(¬72) فى المهذب 1/ 180: روت حفصة (ر) أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال:. . . . الحديث.
(¬73) سورة النساء آية 108.
(¬74) فى معانى القرآن وإعرابه 2/ 110.
(¬75) ع: أتاهم.
(¬76) سورة النمل آية 49.
(¬77) سورة النساء آية 81.
(¬78) فى المهذب 1/ 181: وأما صوم التطوع فإنه يجوز بنية قبل الزوال.
(¬79) خ: وطوعت: تحريف.
(¬80) سورة المائدة آية 30.
(¬81) عن الصحاح (طوع) وانظر مجاز القرآن 1/ 162 ومعانى الفراء 1/ 305 ومعانى الزجاج 2/ 183 ومعانى الأخفش 257 وتفسير غريب القرآن 142 والبحر المحيط 3/ 464.
(¬82) ع: التطوع والمثبت من خ والصحاح والنقل عنه.

الصفحة 172