كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَالزَّمَانَةُ: كُلُّ دَاءٍ مُلَازِمٍ يُزْمِنُ الِإنْسَانَ فَيَمْنَعُهُ عَنِ الْكَسْبِ، كَالْعَمَى، وَالِإقْعَادِ، وَشَلَلِ الْيَدَيْنِ.
قَوْلُهُ: "فِى تَجْهِيزِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ" (¬86) جِهَازُ السَّفَرِ: يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ. تَجَهَّزْتُ لِلسَّفَرِ: تَهَيَّأتُ لَهُ وَقَدْ ذُكِرَ (¬87).
قَوْلُهُ: "مِنْ تَرِكَتِهِ" (¬88) التَّرِكَةُ: هُوَ مَا يَتْرُكُهُ الْمَيِّتُ بَعْدَهُ مِنَ الْمِيَرَاثِ، فَعِلَةٌ مِنَ التَّرْكِ.
قَوْلُهُ: "لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ" (¬89) اسْمُ رَجُلٍ سُمِّىَ بِشَجَرَةٍ مَعْرُوفَةٍ، لَهَا حَمْلٌ يُشَبَّهُ بِالْحِمِّصِ (¬90). وَلَبَّيْكَ: مَعْنَاهُ الِإجَابَةُ، وَيَأتي ذِكْرُهُ.
قَوْلُهُ: "صَرُورَةٌ" (¬91) وَهُوَ (¬92) الَّذِى لَمْ يَحُجّ، وَكَذلِكَ رَجُلٌ صارُورَةٌ، وَصَرُورِيٌّ (¬93). وإنَّمَا كَرِهَهُ؛ لِأنَّهُ مِنْ كَلَامِ أهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَيَحْتَمِل أنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ: لَا يَتْرُكْ أحَدٌ الْحَجَّ فَيَكُونُ صَرُورَةً. وَأمَّا الْحَدِيثُ: "لَا صَرُورَةَ فِى الِإسْلَامِ" (¬94) فَهُوَ تَرْكُ النِّكَاحِ؛ لِأنَّهُ لَيْسَ مِنْ أخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ دِينُ الرُّهْبَانِ، قَالَ النَّابِغَةُ:
لَوْ أنَّهَا عَرَضَتْ لِأشْمَطَ رَاهِبٍ ... يَخْشَى الِإلَهَ صَرُورَةٍ مُتَعَبِّدِ
(¬96) لَرَنَا لِبَهْجَتِهَا وَحُسْنِ حَدِثِهَا ... وَلَخَالَهُ رَشَدًا وإنْ لَمْ يَرْشُدِ
قَالَ الْأزْرُقِيُّ: كَانَ مِنْ سُنَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الرجُلَ يُحْدِثُ الْحَدَثَ، يَقْتُلُ الرَّجُلَ وَيَلْطُمُهُ، فَيَرْبِطُ لِحَاءً مِنْ لِحَاءِ الْحَرَمِ قِلَادَةً فِى رَقَبَتِهِ، وَيَقُولُ: أَنَا صَرُورَةٌ، فيقَالُ لَهُ:
دَعُوا (¬98) صَرُورَةً أَتَى بِجَهْلِهِ ... وَإِنْ رَمَى فِى حُفْرَةٍ بِرِجْلِهِ
فَلَا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ، فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَرُورَةَ فِى الإسْلَام، وَإنَّ مَنْ أحدَثَ حَدَثًا أُخِذَ بِحَدَثِهِ (¬99) قَالَ الأزْهَرِيُّ (¬100) سُمِّىَ مَنْ لَمْ (¬101) يَحُجّ صَرُورَةً، لِصرِّهِ عَلَى نَفَقَتِهِ الَّتِى يَتَبَلَّغُ بِهَا إلَى الْحَجِّ، وَسُمِّىَ مَنْ لَمْ يَنْكِحْ صَرُورَةً، لِصَرِّهِ عَلَى مَاءِ ظَهْرِهِ، وإبْقَائِهِ إياهُ.
قَوْلُهُ: [تَعَالَى]: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} (¬103) ذُكِرَ فِى الصَّوْم (¬104).
¬__________
(¬86) فى المهذب 1/ 198: لا ينوب عنه الحام فى تجهيز من يحج عنه.
(¬87) ص 28.
(¬88) ويجب قضاؤه من تركته.
(¬89) ع: قوله عن شبرمة. وفى المهذب 1/ 199: روى ابن عباس (ر) قال: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: أحججت عن نفسك؟ قال: لا. قال: فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة.
(¬90) الصحاح (شبرم) واللسان (شبرم 2186) والعين 5/ 303 والنهاية 2/ 440 وفى ع: شبه الحمص.
(¬91) فى المهذب 1/ 199: قال الشافعى رحمه الله: وأكره أن يسمى من لم يحج صرورة لما روى ابن عباس (ر) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صرورة فى الإسلام".
(¬92) ع: هو.
(¬93) الصحاح (صرر).
(¬94) غريب الحديث 3/ 97 والفائق 2/ 293 والنهاية 3/ 22.
(¬95) ديوانه 95، 96 وغريب أبى عبيد 3/ 97 واللسان (صرر 2431).
(¬96) ما بين المعقوفين من ع وفيها: لدنا والمثبت من الديوان وفيه: لرؤيتها.
(¬97) ع: الأزهرى: تحريف. والأزرقى، وهو محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق مؤرخ يمانى الأصل من أهل مكة، وله أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار توفي نحو 250 هـ. انظر الأعلام 7/ 93.
(¬98) ع: دعوى: تحريف. وقد ذكرت البيت على أنه نثر.
(¬99) غريب الحديث 3/ 97 والفائق 2/ 293 والنهاية 3/ 22.
(¬100) فى شرح ألفاظ المختصر لوحة 78 وانظر تهذيب اللغة 12/ 109.
(¬101) ع: ما لم: خطأ.
(¬102) فى المهذب 1/ 200: ولا يجوز الإحرام بالحج إلا فى أشهر الحج والدليل عليه قوله عز وجل {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}.
(¬103) الآية 197 من سورة البقرة.
(¬104) ص: 160، 175.

الصفحة 185