كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

الَّذِى لَوْنُهُ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ، وَيُقَال: مَنْسُوبٌ إلَى دِبسِ الرُّطَبِ؛ لِأنَّهُمْ يُغَيِّرونَ فِى النَّسَبِ كَالدُّهْرِىِّ وَالسُّهْلِىِّ (¬31).
وَالْقُمْرِىُّ: مَنْسُوبٌ إلَى طَيْرٍ قُمْرٍ، إمَّا أن يَكُونَ جَمْعَ أقمَرَ، مِثْلَ أَحْمَرَ وَحُمْرٍ، وإمَّا أن يَكُونَ جَمعَ قُمْرِيٌّ مِثْلَ رُومِىٍّ وَرُومٍ، وَزَنْجِىٍّ وَزَنْجٍ (¬32). وَالْأُنْثَى: قُمْرِيَّةٌ: وَالذَّكَرُ: سَاقُ حُرٍّ. وَالجَمْعُ: فَمَارِىُّ، غيرُ مَصْرُوفٍ، وَالأَقْمَرُ: الْأبْيَضُ يُقَالُ: سَحَابٌ أقمَرُ، وَلَيْلَةٌ قَمْرَاءُ (¬33).
وَالْفَاخِتَةُ: وَاحِدَةُ الْفَوَاخِتِ مِنْ فَوَاتِ الأطْوَاقِ، وَكُلُّ هَذَا مَذْكُورٌ فِى الصِّحَاحِ (¬34).
قَالَ: "وَالْبُلْبُلُ طَائِرٌ (¬35) يُرِيدُ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ. وَحَقِيقَتُهُ: أَنَّهُ طَائِرٌ صَغِيرٌ، لَهُ صَوْتٌ يُطْرِبُ، بِقَدْرِ الْعُصْفُورِ، لَوْنُهُ أَغْبَرُ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ أسْوَدُ، يُؤَلَّفُ، يُؤَلِّفُ فِى الْبُيُوتِ، وَيُشْتَرَى لِحُسْنِ صَوْتِهِ، قَالَ أبُو نُوَاس فِى الأصْمَعِىِّ: "بُلْبُلٌ يُطْرِبُهُمْ بِنَغَمَاتِهِ" (¬36).
قَوْلُهُ: "يَعُبُّ وَيَهْدُرُ" (¬37) الْعَبُّ: شُرْبُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ مَصٍّ. وَقِيلَ: هُوَ شُرْبُه بِنَفَسٍ وَاحِدٍ. وَفِى الْحَدِيثِ: "مُصُّوا الْمَاءَ مَصًّا وَلَا تَعُبُّوهُ عَبًّا" (¬38) وَفِى الْحَدِيثِ أيضًا: "الْكُبَادُ مِنَ الْعَبِّ" (¬39) وَالْحَمَامُ يَشْرَبُ الْمَاءَ عَبًّا، كَمَا تَعُبُّ الدَّوَابُّ، أَىْ: تَجْرَعُهُ جَرْعًا، وَسَائِرُ الطُّيُورِ تَنْقُرُهُ نَقْرًا، وَتَشْرَبُ قَطْرَةً قَطْرَةً (¬40).
قَوْلُهُ: "وَيَهْدُرُ" يُقَالُ: هَدَرَ الْحَمَامُ يَهْدُرُ هَدِيرًا، أَيْ: صَوَّتَ، وَهَدِيرُهُ: تَغْرِيدُهُ وَتَرْجِيعُهُ صَوْتَهُ كَأنَّهُ يَسْجَعُ، يُقَالُ: سَجَعْت الْحَمَامَةُ، وَهَدَرَ الْبَعِيرُ (¬41) هَدِيرًا، أَىْ: رَدَّدَ صَوْتَهُ فِى حَنْجَرَتِهِ.
قَوْلُهُ: "كَالْقَطَا وَالْيَعْقُوبِ وَالإوَزِّ" (¬42) الْقَطَا: طَائِرٌ مَعْروفٌ، سُمِّىَ بِصَوْتِهِ (¬43)؛ لِأنَّهُ لَا يَزَالُ يَقُولُ: قَطَاْ قَطَاْ. يَمْشِى بِاللَّيْلِ فَلَا يُخْطِىءُ الطرَّيقَ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬44):
تَمِيمٌ بِطُرْقِ اللُّؤْمِ أَهْدَى مِنَ الْقَطَا ... وَلَوْ سَلَكَتْ سُبْلَ الْمَكَارِم ضَلَّتِ
وَ (قِيلَ) (¬45) فِى الْمَثلِ: "أصْدَقُ مِنَ القَطَا" (¬46) وإنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ؛ لِأنَّ لَهَا صَوْتًا وَاحِدًا لَا تُغَيِّرُهُ (¬47)، تَقُولُ: قَطَاْ قَطَاْ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّيهَا: الصَّدُوقُ، قَالَ النَّابِغَةُ (¬48):
تَدْعُو الْقَطَا وَبِهِ تُدْعَى إِذَا نُسِبَتْ ... يَا صِدْقَهَا حِينَ نَلْقَاهَا فَتَنْتَسِبُ
وَلِغَيْرِهِ (¬49):
¬__________
(¬31) عن الصحاح (دبس).
(¬32) ع: وريحى وريح والمثبت من خ والصحاح والنقل عنه وكذا فى اللسان (قمر 3737).
(¬33) الصحاح (قمر).
(¬34) مادة (فخت).
(¬35) فى المهذب 1/ 217: وإن كان أصغر من الحمام كالعصفور والبلبل والجاد ضمنه بالقيمة.
(¬36) كان أبو نواس يميل إلى أبي عبيدة، فقيل له: قد أشخص أبو عبيدة والأصمعى إلى الرشيد، فقال: أما أبو عبيدة فإنهم إن أمكنوه من سفره قرأ عليهم أخبار الأولين والآخرين، وأما الأصمعى فبلبل يطربهم بنغماته. انظر أنباه الرواة 2/ 201 ووفيات الأعيان 2/ 244 والأصمعى اللغوى 48.
(¬37) في المهذب 1/ 217 الحمام يشبه الغنم لأنه يعب ويهدر ليس فى ع.
(¬38) النهاية 3/ 168.
(¬39) الفائق 3/ 243 والنهاية 3/ 168.
(¬40) شرح ألفاظ المختصر لوحة 78.
(¬41) ع: الفحل وكذا فى خ إلا أنت مُصوَّبٌ فوقه بالمثبت. وهو ما فى الصحاح والمصباح (هدر).
(¬42) فى المهذب 1/ 217: وإن كان كبر من الحمام كالقطا واليعقوب والبط والإوز ففيه قولان. . . . إلخ.
(¬43) ع: لصوته.
(¬44) الطرماح ديوانه 133 والتمثيل والمحاضرة 67.
(¬45) من ع.
(¬46) كتاب أفعل للقالى 75 والدرة الفاخرة 1/ 265 ومجمع الأمثال 2/ 247.
(¬47) ع: لا يغير.
(¬48) ديوانه 177، وروايته: انتسبت.
(¬49) الكميت ديوانه 2/ 15 والحيوان 5/ 379 وحياة الحيوان 2/ 235 ورواية الديوان (منتحل).

الصفحة 199