كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "فَأَنتنَ عَلَيْهِ" أَيْ: صَارَ جيفَةً. وَالنَّتْنُ بإسْكَانِ التَّاءِ: كَرَاهَةُ الَّرائِحَةِ (¬75). قَالَ فِي الْفَائِقِ (¬76): يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: الفِضَّةُ تَصْدَأُ وَتُنْتِنُ وَتَبْلَى فِي الْحَمْأة (¬77)، وَأمَّا الذَّهَبُ فَلَا يُبْلِيهِ الثَّرَى وَلَا يُصْدِئُهُ النَّدَى وَلَا تَنْقُصُهُ الْأرْضُ وَلَا تَأكُلُهُ النَّارُ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (¬78) أنَّهُ كَتَبَ فِي اليَدِ إِذَا قُطِعَتْ إن تُحْسَمَ (¬79) بِالْذَّهَبِ فَإنَّهُ لَا يَقِيحُ.
قَوْلُهُ: "قَلِيلًا لِلْحَاجَةِ" (¬80) أَيْ: قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الشَّعْبُ لَا عَدَمَ (¬81) مَا يُضَبَّبُ بِهِ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ (¬82).
قَوْلُهُ: "مَكَانَ الشَّفَةِ" (¬83) ذَكَرَ الْقَلْعِيُّ (¬84) أنَّهُ "مَكَانَ الشَّعْبِ" وَهُوَ الشَّقُّ. وَ"الشَّفَةُ" خَطَأ (¬85) وَلَمْ نَسْمَعْهُ إِلَّا "الشَّفَة" وَلَيْسَ بِخَطَأٍ، إِنَّمَا أرَادَ الْمَوْضِعَ الَّذِى يَضَعُ عَلَيْهِ شَفَتَهُ (¬86) حِينَ يَشْرَبُ، وَهُوَ حَرْفُ الِإنَاءِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّيْخِ (¬87): وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَحْرُمُ فِي مَوْضِعِ الشُّرْبِ؛ لِأنَّهُ يَقَعُ بِهِ الاسْتِعْمَالُ، وَهَذا وَاضِح جَلِيٌّ. وإنَّمَا وَقَعَ الْوَهْمُ فِي الْخَطإِ فِي "الشَّعْبِ" (¬88) حَينَ قَالَ: "انْكَسَرَ (¬89) قَدَحُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلمَ" وَالْكَسْرُ يَقْتَضِى الشَّعْبَ فِي الْمَعْنَى. وَالشَّعْبُ (¬90): الصَّدْعُ وَالْكَسْرُ وَهُوَ الِإصْلَاحُ أَيْضًا، وَهُوَ (¬91) مِنَ الْأضْدَادِ (¬92)، يُقَالُ: شَعَبَهُ: إِذَا جَمَعَهُ وَأَصلَحَهُ (¬93)، وَتَشَعَّبَ (¬94) الْأمْرُ: إذَا تَفَرَّقَ وَتَشَتَّتَ. وَوُجِدَ فِي نُسْخَةٍ (¬95) بَغْدَادِيَّةٍ مَضْبُوطًا "الشَّقَّة" بِالْقَافِ (¬96)، وَلَمْ أَدْرِ مَا صِحْتُهُ (¬97).
قَوْلُهُ (¬98): "كَانَ نَعْلُ سَيْفِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فِضَةٍ وَقَبِيعَةُ سَيْفِهِ مِنْ فِضَّةٍ" نَعْلُهُ: مَا يُصِيبُ الْأرْضَ منْهُ، وَهِيَ حَدِيدَةٌ تَكُونُ فِي أسْفَلِ الغِمْدِ (¬99). وَالقَبِيعَةُ تَكُون (¬100) فِي أَعْلَى الْسَّيفِ كَالْجَوْزَةِ، تَكونُ مِنْ حَدِيدٍ أو فِضةٍ أوْ ذَهْبٍ، قَالَهُ الليْثُ. وَقَالَ شَمِرٌ (¬101): مَا تَحْتَ الشَّارِبَيْنِ مِمَّا يَكُونُ فَوْقَ الغِمْدِ فَيَجِىءُ مَع قَائِمِ السَّيْفِ (¬102) "وَالشَّارِبَانِ: أَنْفَان طَوِيلَانِ تُعَلقُ فِيهِمَا الْحَمَائِلُ" (¬103) وَالْحَلَقُ: جَمْعُ حَلْقَةٍ، وَهِىَ الَّتِى تَشُدُّ الْحَمَائِلَ (¬104).
¬__________
(¬75) بدل هذا: في ع: واتخاذ الأنف من الفضة، لأنها لا تنتن، ففعل هذا كراهية الرائحة، لكن قال في الفائق. . . إلخ.
(¬76) 3/ 275.
(¬77) ع: الثرى: والحمأة: الطين الأسود.
(¬78) في الفائق: رحمه الله تعالى.
(¬79) أى يقطع سيلان الدم من عروقها بذوب الذهب.
(¬80) في المهذب 1/ 12: وأما المضبب بالفضة إن كان قليلًا للحاجة لم يكره.
(¬81) ع: لعدم. والمراد بالحاجة: إصلاح الإناء أصالة لا عدم غير النقدين مما يضبب به انظر قليوبي وعميرة 1/ 28.
(¬82) أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستى الخطابى الشافعى توفى 386 أو 388 ترجمته في بغية الوعاة 1/ 546 وإنباه الرواة 1/ 125 واللباب 1/ 452 ومعجم الأدباء 10/ 268 وطبقات السبكى 3/ 282.
(¬83) في المهذب 1/ 12 أن قدح النبى صلَّى الله عَلَيْهِ وسلم انكسر فاتخذه مكان الشفة سلسلة من فضة.
(¬84) أبو عبد الله محمد بن على بن أبي على القلعى اليمنى الشافعي توفى سنة 630 هـ وله كتاب اللفظ المستغرب في شرح غريب المهذب، بتحقيقنا.
(¬85) عبارة القلعى ص 5: "فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة، الشعب: الصدع والكسر. وفي عامة النسخ "مكان الشفة" وهو خطأ. وكذا خطأه النووى في المجموع شرح المهذب 1/ 257، والحديث في مشكل الآثار 2/ 173: "الشعب" وكذا في النهاية 2/ 477.
(¬86) ع: بغية.
(¬87) في المهذب 1/ 12.
(¬88) ع "الشعفة" تحريف.
(¬89) ع: كسر.
(¬90) والشعب: ساقط من ع وترتب عليه قوله: الصدع الكسر. وهو تحريف.
(¬91) وهو: ساقط من ع.
(¬92) العين 1/ 306 وثلاثة كتب في الأضداد 2، 150، 277، 523 وغريب أبي عبيد 4/ 213 وغريب الخطابى 2/ 289.
(¬93) ع: يقال: شعبه: إذا جمعه بعد تفرق.
(¬94) ع: وشعب الأمر.
(¬95) من نسخ المهذب.
(¬96) بالقاف ساقطة من ع.
(¬97) ع: وهى تفيدك قدر ما صححته. تحريف.
(¬98) في المهذب 1/ 12. والحديث في صحيح الترمذي 7/ 185 وغريب الخطابي 1/ 687 والفائق 3/ 153 والنهاية 4/ 7.
(¬99) ع: في أسفل جراب السيف.
(¬100) ع: ما يكون.
(¬101) قاله الليث وقال شمر: ليس في ع.
(¬102) العين 1/ 208 وتهذيب اللغة 1/ 283 ومبادىء اللغة 95.
(¬103) ما بين القوسين من ع.
(¬104) من والحلق إلى الحمائل ساقط من ع.

الصفحة 20