كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

عَدِمْنَا خَيْلَنَا إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مَوْرِدُها كَدَاءُ
قَوْلُهُ (¬10): "اللَّهُمَّ" (¬11) زدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظيمًا وَمَهَابَةً" مَعْنَاهُ: اجْعَلْ الْخَلْقَ يُشَرِّفُونَهُ، أَىْ: يَرَوْنَهُ شَرِيفًا فِى أَعْيُنِهِمْ. وَالشَّرَفُ: الْعُلُوُّ، وَشَرَفُ كُلِّ شَىْءٍ: أعْلَاهُ، وَشَرِيفُ الْقَوْمِ أرْفَعُهُمْ وَأعْلَاهُمْ مَنزِلَةً (¬12). وَالتَّكْرِيمُ: التَّفْضِيلُ {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (¬13) أي: فَضلْنَاهُمْ، وَالْكَرَمُ أَصْلُهُ: ضِدُّ اللُّؤْمِ،. وَمَهَابَةً، أَىْ: يَهَابُونَ أَنْ يَتركُوا حُرْمَتَهُ، يَحْتَقِرُونَهُ (¬14). وَالْهَيْبَةُ: الإجْلَالُ وَالْمَخَافَةُ، وَقَدْ هَابَهُ يَهَابُهُ (¬15). وَالْبِرُّ: أَعْمَالُ الْخَيْرِ كُلُّهَا، وَهُوَ ضِدُّ الْعُقُوقِ، وَيُقَالُ (¬16): بَرَّهُ يَبَرُّهُ بَرًّا (¬17) وَالْمَبَرَّةُ: مِثْلُهُ، وَفُلَانٌ يَبَرُّ خَالِقَهُ وَيَتَبَرَّرُهُ، أَىْ: يُطِيعُهُ (¬18)، وَبَرَّ فِى يَمِينِهِ أَيْ: صَدَقَ وَقِيلَ الْبِرُّ: هُوَ الاتِّسَاعُ فِى الإحْسَانِ وَالزيَادَةُ مِنْهُ، يُقَالُ: أَبَرَّ فُلَانٌ عَلَى صَاحِبِهِ أَيْ زَادَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْبَرِّيَّةُ؛ لِاتّسَاعِهَا (¬19).
قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ (فَحَيِّنَا) (¬20) رَبَّنا بِالسَّلَامِ" قَالَ الأزْهَرِيُّ (¬21): السَّلَامُ الأوَّلُ: هُوَ اللهُ [تَعَالَى] (¬22)؛ لأنَّ الْخَلْقَ أجْمَعِينَ سَلِمُوا مِنْ ظُلْمِهِ. وَقَوْلُهُ: "وَمِنْكَ السَّلَامُ" أي: مَنْ أكرَمْتَهُ بِالسَّلَامِ، فَقَدْ سَلِمَ "فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ"، أيْ: سَلِّمْنَا بِتَحِيتِكَ إيَّانَا مِنَ الآفَاتِ وَ (الْمُهْلِكَاتِ) (¬23).
وَقَالَ غَيْرُ الأزْهَرِىِّ: السَّلَامُ الأوَّلُ: هُوَ اللهُ تَعَالَى، كَمَا قَالَ: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} (¬24) قَالَ الْبَارُودىُّ (¬25) فِى تَفْسِيرِهِ: أرادَ السَّالِمَ مِنَ الْمَعَايِبِ، وَالسَّلَامُ الثَّاني: قَالَ الْبَاوَرْدِيُّ: أَيْ الْمُسَلِّمُ لِلْخَلْقِ.
وَقَالَ الْقُشَيْرِىُّ (¬26): السَّلَامُ بِمَعْنَى السَّلَامَةِ، كَاللَّذَاذِ وَالرَّضَاعِ بِمَعْنَى اللَّذَاذَةِ وَالرَّضَاعَةِ.
وَالثَّالِثُ بِمَعْنَى التَّحِيَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} (¬27) وَمَعْنَاهُ: الرحْمَةُ وَالسَّلَامَةُ مِنَ الآفَاتِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِى الصَّلَاةِ (¬28).
قَوْلُهُ: "فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ" (¬29) أيْ: احْتَاجَتْ (¬30) إلَيْهَا (¬31)، مُشْتَقٌّ مِنَ الْفَقِيرِ الَّذِى يَحْتَاجُ إلَى الْمَالِ، وَأصْلُهُ: مَكْسُورُ الْفَقَارِ، وَهِىَ: عُقَدٌ فِى الظَّهْرِ.
قَوْلُهُ: "نِيَّةُ الْحَجِّ تَأتي عَلَيْهِ" (¬32) أَىْ: تأخُذُ جَمِيعَهُ، وَيَدْخُلُ فِى حُكْمِهَا.
قَوْلُهُ: "وَقَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمْ" (¬33) أَيْ: رَمَوْا بِهَا، وَالْقَذْفُ: الرَّمْىُ. وَالْعَوَاتِقُ: جَمْعُ عَاتِقٍ، وَهُوَ: مَا بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَالْعُنُقِ (¬34).
قَوْلُهُ: "وَيَطُوفُ سَبْعًا" يُقَالُ: طَافَ حَوْلَ الشَّيء (يَطُوفُ) (¬35) طَوْفًا وَطَوَفَانًا، وَتَطَوَّفَ
¬__________
(¬10) اللهم: ليس فى ع.
(¬11) وفى المهذب 1/ 220: ويستحب أن يقول: اللهم زد هذا البيت تشريفا وتكريما وتعظيما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفًا وتعظيما وبرًا.
(¬12) الصحاح (شرف).
(¬13) سورة الإسراء آية 70.
(¬14) ع ويحتقروه.
(¬15) الصحاح (هيب).
(¬16) ع: يقال.
(¬17) وزان علم يعلم علما كما فى المصباح (برر) وانظر الصحاح (برر).
(¬18) عن الصحاح ومنه قوله: *يَبّرُّكَ النَّاسُ وَيَفجُرُونَكَا*.
(¬19) أنظر اللسان (برر 254).
(¬20) خ: حينا. وفى المهذب 1/ 221 ويضيف (بعد الدعاء تعليق 11) إليه: اللهم. . . الخ.
(¬21) فى شرح ألفاظ المختصر لوحة 71.
(¬22) تكملة من شرح الأزهرى.
(¬23) خ: والهلكات. والذى فى شرح الأزهرى: من جميع الآفات.
(¬24) سورة الحشر آية 23.
(¬25) .................
(¬26) فى شرح أسماء الله الحسنى 135.
(¬27) ....................
(¬28) ص 77، 85، 90.
(¬29) خ: فافتقر إلى النية وفى المهذب 1/ 221 الطواف يفتقر إلى النية؛ لأنها عبادة تفتقر إلى الستر فافتقرت إلى النية.
(¬30) خ: احتاج.
(¬31) إليها ليس فى ع.
(¬32) فى المهذب 1/ 221 وقيل لا يفتقر؛ لأن نية الحج تأتي عليه كما تأتى على الوقوف.
(¬33) روى ابن عباس (ر) أن النبى - صلى الله عليه وسلم - أمرهم فاضطبعوا، فجعلوا أرديهم تحت آباطهم، وقذفوها على عواتقهم.
(¬34) خلق الإنسان للأصمعى 203 ولثابت 211.
(¬35) خ: وتطوف والمثبت من ع والصحاح (طوف).

الصفحة 203