كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَاسْتَطَافَ: كُلُّهُ بِمَعْنَى. وَرَجُلٌ طَافٌ، أَىْ: كَثِيرُ الطَّوَافِ (¬36). وَأَصْلُ الطَّوَافِ، وَابْتِدَاءُ فِعْلِهِ: أَنَّ إِبْراهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَانَا كُلَّمَا بَنَيَا شَيْئًا مِنَ البَيْتِ: طَافَا حَوْلَهُ وَقَالَا: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (¬37) فَبَقى ذَلِكَ إلَى الآنَ. وَرَأيتُ فِى التَّفْسِيرِ أَنَّهُ سُئِلَ عَلِىٌّ بنُ الْحُسَيْنِ عَنْ بَدْءِ الطَّوَافِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ تَحْتَ الْعَرْشِ بَيْتًا، وَهُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ الَّذِى ذكَرَهُ الله تَعَالَى وَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: طُوفُوا بِهِ وَدَعُوا الْعَرْشَ، فَطَافَت الْمَلَائِكَةُ (بِهِ) (¬38) فَكَانَ أهْوَنَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ أمَرَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ فِى الأرْضِ أنْ يَبْنُوا فِى الأرْض بَيْتًا عَلَ مِثَالِهِ وَقَدْرِهِ، فَبَنَوْا، (وَسَمَّوُهُ) (¬39) الصُّرَاحَ (¬40)، وَأَمَرَ مَنْ فِى الأرْضِ مِنْ خَلْقِهِ أنْ يَطوفُوا بِهِ كَمَا يَطوفُ أهْلُ السَّمَاءِ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ.
قَوْلُهُ: "سَبْعًا" فِيهِ خَمْسُ لُغَاتٍ: (سَبْعًا) (¬41) بفَتْحِ السِّينِ وإسْكَانِ الْبَاءِ، أَىْ: سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَسُبُعًا: بِضَمِّ السِّينِ وَالْبَاءِ، كَمَا يُقَالُ: ثُلُثٌ وَثُلْثٌ، وَسُدُسٌ وَسُدْسٌ، وَسُبْعًا: بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ، كَمَا يُقَالُ: ثُلْثٌ وَسُدْسٌ، وَسَبُوعٌ: بِفَتْحِ السِّينِ، وَأُسْبُوعٌ: بِزِيَادَةِ الألِفِ (¬42).
قَوْلُهُ: (¬43) "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ" أَيْ: افْعَلُوا مِثْلَمَا أَفْعَلُ، وَقُولُوا كَمَا أقُولُ. وَأَصْلُ الأخْذِ: التَّنَاوُلُ، يُقَالُ: أخَذَ الشيء: إذَا تَنَاوَلَهُ، وَأَصْلُهُ: أأخَذُ فَاسْتَثْقَلُوا الْهَمْزَتَيْنِ فَحَذَفُوهُمَا (¬44).
قَوْلُهُ: "وإنْ طَافَ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَجْزِهِ" (¬45) وَهُوَ الْبِنَاءُ اللَّاصِقُ بِأساسِهَا الَّذي فِيهِ حَلَقُ السِّتْرِ؛ لإنَّه مِنْ دِكَّةِ الْبِنَاءِ الأَسْفَلِ (¬46).
قَوْلُهُ: "وَيُحَاذِيهِ" (¬47) أَيْ: يُوَازِيهِ. وَالْمُحَازَاةُ: الْمُوَازَاةُ، وَحِذَاءُ الشَّىْءِ: إِزَاؤُهُ (¬48).
قَوْلُهُ: "وَيُستحَبُّ أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ" (¬49) قَالَ فِى الْفَائِقِ (¬50): اسْتَلَمَ: افْتَعَلَ مِنَ السَّلِمَةِ، وَهِىَ: الْحَجَرُ، وَهُوَ (أَنْ تَتَنَاوَلَهُ) (¬51) وَتَعْتَمِدَهُ بِلَمْسٍ أَوْ تَقْبِيلٍ أَوْ إِدرَاكٍ بِعَصًا، وَنَظِيرُهُ: اسْتَهَمَ (¬52) الْقَوْمُ إِذَا أَجَالُوا (¬53) السِّهَامَ، وَاهْتَجَمَ الْحَالِبُ: إذَا حَلَبَ فِى الْهَجْمِ، وَهُوَ الْقَدَحُ الضَّخْمُ. وَوَافَقَهُ (¬54) الْجَوْهَرِىُّ، فَقَالَ (¬55): استَلَمَ الْحَجَرَ: لَمَسَهُ، إمَّا بِالْقُبْلَةِ، أوْ بِالْيَدِ (¬56)، وَلَا يُهْمَزُ؛ لِأنَّهُ مَأخُوذٌ مِنَ (السَّلامِ) (¬57) وَهُوَ الْحَجَرُ، كَمَا يُقَالُ: اسْتَنْوَقَ (¬58) الْجَمَلُ (¬59). وَقِيلَ: إِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ السَّلَامِ بِمَعْنَى (¬60) التَّحِيَّة، أَيْ (¬61): يُحَيِّي نَفْسَهُ عَنْ (¬62) الْحَجَرِ، إِذْ لَيْسَ الْحَجَرُ مِمَّنْ يُجِيبُهُ (¬63)، يُقَالُ: اخْتَدَمَ: إذَا لَمْ يَكُمْ لَهُ خَادِمٌ، وإنَّمَا خَدَمَ نفْسَهُ.
¬__________
(¬36) عن الصحاح (طوف).
(¬37) سورة البقرة آية 128 وانظر تفسير الطبرى 3/ 64 - 73.
(¬38) به: ساقط من خ.
(¬39) خ: واسمه.
(¬40) ع: السراح: تحريف.
(¬41) زيادة من ع.
(¬42) انظر القاموس والمصباح (سبع).
(¬43) فى المهذب 1/ 221: وإن ترك بعض السبعة لم يجزه؛ لأن النبى - صلى الله عليه وسلم - طاف سبعا، وقال: خذوا عنى مناسككم.
(¬44) تخفيفًا، كما فى الصحاح (أخذ).
(¬45) المهذب 1/ 221.
(¬46) قال الفيومى: وهو الذى ترك من عرض الأساس خارجا، ويسمى تأزيرا لأنه كالإزار للبيت. المصباح (شذر) ونقله أدى شير 99 وذكر أن أصله شاد روان بالفارسية: ستر عظيم يسدل على سرادق السلاطين والوزراء، وعلى الشرفة من القمر والدار.
(¬47) فى المهذب 1/ 222: والمستحب أن يستقبل الحجر الأسود. . . ويحاذيه ببدنه لا يجزئه غيره.
(¬48) الصحاح (حذا).
(¬49) لما روى ابن عمر (ر) قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة يستلم الركن الأسود أول ما يطوف. المهذب 1/ 222.
(¬50) 2/ 192.
(¬51) خ: بناؤه: تحريف والمثبت من ع والفائق.
(¬52) ع: اسهم: تحريف.
(¬53) ع: أى: جالوا: تحريف.
(¬54) ع: وأوقفه: تحريف.
(¬55) فى الصحاح (سلم).
(¬56) ع: بالبيد: تحريف.
(¬57) خ: السلم والمثبت من ع والصحاح.
(¬58) ع: استبرق: تحريف.
(¬59) الجمل: ساقط من ع.
(¬60) ع: يعنى.
(¬61) ع: إذا.
(¬62) ع: عند.
(¬63) ع: من تحيته.

الصفحة 204