كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَقِيلَ: حَاجَاتُ الْمَنَاسِكِ:
قَوْلُهُ: "دَفَعَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ" (¬164) أىْ: أسْرَعَ فِى سَيْرِهِ، يُقَالُ: انْدَفَعَ الْفَرَسُ، أَىْ: أَسْرَعَ وَانْدَفَعُوا [فِى الْحَدِيثِ] (¬165).
قَوْلُهُ: غَدَاةَ جَمْعٍ" (¬166) سُمِّيَتْ جَمْعًا؛ لِأنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ اجْتَمَعَا فِيهَا، كَمَا سُمِّيَتْ مُزْدَلِفَةً؛ لازْدِلَافِهِ إِلَيْهَا، أَىْ: اقْتِرَابِهِ، يُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاس. وَقِيلَ: لاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِهَا، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ} (¬167) أَىْ: جَمَعْنَاهُمْ. وَأَصْلُهَا: مُزْتَلِفَة- بِالتَّاءِ، أَىْ: مُقْتَرِبَة، فَأُبْدِلَت التَّاءُ دَالًا مَعَ الزَّاىِ، كَمَا قُلِبَتْ فِى مَزْدَجَرٍ وَمُزْدَرَعٍ.
قَولُهُ: "فِى التَّنْبِيهِ عَلَى طَرِيقِ المَأْزِمَيْنِ" (¬168) قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬169): الْمَأْزِمُ: الْمَضِيقُ، مِثْلُ الْمَأْزِلِ، وَأَنْشَدَ الأصْمَعِىُّ (¬170).
هَذَا طَرِيقٌ يَأْزِمُ الْمَآزِمَا ... وَعِضَوَاتٌ تَمْشُقُ اللَّهَازِمَا
قَالَ: وَيُرْوَى: "عَصَوَاتٌ" جَمْعُ عَصًا، وَتَمْشُقُ: تَضرِبُ. وَالمَأْزِمُ: كُلُّ طَرِيقٍ ضَيِّقٍ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، وَمَوْضِعُ الْحَرْبِ أَيْضًا: مَأْزِمٌ. قَالَ الأصْمَعِىُّ: الْمَأْزِمُ: فِى سَنَدٍ: مَضِيقٌ بَيْنَ جَمْعٍ وَعَرَفَةَ، وَأَنْشَدَ لِسَاعِدَةَ بْنِ جُؤَبَّةَ الْهُذَلِىِّ:
وَمُقَامِهِنَّ إِذَا حُبِسْنَ بِمَأْزِمٍ ... ضَيْقٍ أَلَفَّ وَصَدَّهُنَّ الْأخْشَبُ
قَوْلُهُ: "عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ" إِغْرَاءٌ بِمَعْنَى الأمْرِ، تَقُولُ: عَلَيْكَ زَيْدًا، أَىْ: الْزَمْ زَيْدًا، كَأَنَّهُ أَرَادَ: الْزَمُوا السَّكِينَةَ، وَخُذُوا بِهَا، مُشْتَقَّةٌ مِنَ السُّكُونِ ضِدِّ الْحَرَكَةِ، أَىْ: كُونُوا خَاشِعِينَ مُتَوَاضِعِينَ مُتَوَافِرِينَ، غَيْرَ طَائِشِينَ وَلَا فَرِحِينَ، يُقَالُ: رَبُلٌ سَاكِنٌ، أَىْ: وَقُورٌ هَادئٌ.
قَوْلُهُ: "إذَا وَجَدَ فُرْجَةً أسْرَعَ" (¬171) الْفُرْجَةُ بِالضَّمِّ (الْمُتَّسَعُ) (¬172) بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ.
قَوْلُهُ: "كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ" (¬173) الْعَنَقُ: ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ (¬174)، قَالَ الْجَوْهَرِئُ: هُوَ سَيرٌ مُسْبَطِرٌّ (¬175)، قَالَ الرَّاجِزُ (¬176):
يَانَاقُ سِيرِى عَنَقًا فَسِيحًا ... إِلَى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا
وَالْمُسْبَطِرُّ: الْمُمْتَدُّ، وَاسْبَطَرَّ الأسَدُ: إِذَا اضْطَجَعَ وَامْتَدَّ (¬177). وَالنَّصُّ: السَّيْرُ الشَّدِيدُ الرَّفِيعُ حَتَّى يَستخْرِجَ أقصَى مَا عِنْدَهُ (¬178)، وَلِهَذَا يُقَالُ: نَصَصْتُ الشَّىْءَ: إِذَا رَفَعْتَهُ، وَمِنْهُ: مَنَصَّةُ الْعَرُوسِ، لِظُهُورِهَا
¬__________
(¬164) فى المهذب 1/ 226: وإذا غربت الشمس دفع إلى المزدلفة.
(¬165) تكملة من الصحاح.
(¬166) روى الفضل بن العباس (ر) أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال للناس عشية عرفة وغداة جمع حين دفعوا عليكم بالسكينة.
(¬167) سورة الشعراء آية 64 وانظر تفسير الطبرى 19/ 52 ومجاز القرآن 2/ 87 وتفسير غريب القرآن 317 وشرح ألفاظ المختصر لوحة 77 ومعجم ما استعجم 392، 393 ومراصد الاطلاع 1265.
(¬168) هذا القول ليس فى هذا الموضع من المهذب.
(¬169) فى الصحاح (أزم).
(¬170) عن أبي مهدية كما فى الصحاح.
(¬171) ع: قوله: "فرجة أسرع" وفى المهذب 1/ 226: فى حديث الفضل السابق: فإذا وجد فرجة أسرع.
(¬172) ساقط من خ.
(¬173) فى المهذب 1/ 226: روى أسامة بن زيد (ر) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص.
(¬174) غريب الخطابي 1/ 137 وهو السير الفسيح كما فى الفائق 1/ 429.
(¬175) ع: هو مسيطر: تحريف.
(¬176) أبو النجم العجلى ديوانه 82.
(¬177) فى الصحاح (سبطر): وأسد سبطر، مثال هزبر، أى: يمتد عند الوثبة واسبطر: اضطجع وامتد. وانظر فى العنق مبادئ اللغة 140 وجمهرة اللغة 3/ 132 وتهذيب اللغة 1/ 254 المغرب (عنق).
(¬178) ع: ما عندها. وفى =

الصفحة 209