كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬205): {أَفَضْتُمْ} (¬206) أَىْ: دَفَعتُمْ فِى السَّيْرِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُقَالُ أَفَاضَ مِنَ الْمَكَانِ: إذَا أَسْرَعَ مِنْهُ إلَى الْمَكَانِ الآخَرِ. وَاِلإفَاضَةُ: سُرْعَةُ الرَّكْضِ. وَسُمِّىَ طَوَافُ الإفَاضَةِ، لِأنَّهُ يَفِيضُ مِنْ مِنىً إلَى مَكَّةَ، وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ؛ لِأنَّهُ يَزُورُ الْبَيْتَ بَعْدَ أنْ فارَقَهُ.
قَوْلُهُ: "شَرَعَ فِى (¬207) التَّحَلُّلِ" شَرَعْتُ فِى الأمْرِ شُرُوعًا، أَىْ: خُضْتُ، وَشَرَعَت الدَّوَابُّ فِى الْمَاءِ تَشرَعُ شَرْعًا (¬208) وَشُرُوعًا (إِذَا) (¬209): دَخَلَتْ.
قَوْلُهُ: "فَازْدَلَفَتْ وَوَقَعَتْ (¬210) عَلَى الْمَرْمَى" قَدْ ذَكَرْنَا أنَّ الازْدِلَافَ: الاقْتِرَابُ، وَأزلَفَهُ، أيْ: قَرَّبَهُ (¬211). وَالزَّلْفُ: التَّقَدُّمُ عَنْ أبِى عُبَيْدٍ (¬212). وَالْمَعْنَى: أنَّهَا قَرُبَتْ وَتَقَدَّمَتْ فَوَقَعَتْ فِى الْمَرمَى.
قَوْلُهُ (¬213): "الحَلْقُ فِى النِّسَاءِ مُثْلَةٌ" قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬214): مَثَلَ بِهِ يَمْثُلُ مَثْلًا، أَىْ: نَكَّلَ بِهِ، وَالاسْمُ الْمُثْلَةُ بِالضَّمِّ، وَمَثَلَ بِالْقَتِيلِ: جَدَعَهُ، وَالْمَثُلَةُ -بِفَتْحِ الْمِيمِ- وَضَمِّ الثَّاءِ: الْعُقُوبَةُ، وَالْجَمْعُ (¬215): الْمَثُلَاتُ. وَمَعْنَاهُ. الْحَلْقُ فِى النِّسَاءِ: عُقُوبَةٌ وَتَشْوِيهٌ، كَجَدْعِ أنْفِ الْقَتِيلِ.
قَوْلُهُ (¬216): "لَمْ أشْعُرْ" بِضَمِّ الْعَيْنِ، أيْ: لَمْ أَعْلَمْ وَجَهِلْتُ (¬217) التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ.
قوْلُهُ (¬218): "لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ" الْحَرَجُ: الضِّيقُ، أَيْ: لَا ضِيقَ. يُقَالُ: مَكَان حَرَجٌ وَحَرِجٌ، أَىْ: ضَيِّقٌ كَثِيرُ الشَّجَرِ لَا تَصِلُ إلَيْهِ الراعِيَةُ (¬219). وَمِنْهُ: الْحَرَجَةُ وَهِىَ: الْغَيْضَةُ (¬220). وَالْحَرَجُ أَيْضًا: الإثْمُ (¬221) وَمَعْنَاهُ: لَا ضِيقَ عَلَيْكُمْ وَلَا إثْمَ فِيمَا قَدَّمْتُمْ، أوْ أخَّرْتُمْ مِنَ النُّسُكِ.
وَسُمِّيَتْ "مِنىً" لِأنَّ الأقْدَارَ وَقَعَتْ عَلَى الضَّحَايَا بِهَا، فَذُبِحَتْ، وَمِنْهُ أُخِذَتْ الْمَنِيَّةُ، يُقَالُ: مَنَى اللهُ عَلَيْكَ (¬222) خَيْرًا، أيْ: قَدَّرَ اللهُ لَكَ (¬223)، قَالَ الشَّاعِرُ (¬224):
لَا تَأْمَنَنَّ وَإنْ أَمْسَيْتَ فِى حَرَمِ ... حَتَّى تُلَاقِىَ مَا يَمْنِى لَكَ الْمَاني
أىْ: يُقَدِّرُ لَكَ الْمُقَدِّرُ.
وَسُمِّىَ يَوْمُ النَّحْرِ، لِنَحْرِ الْهَدْىِ فِيهِ، وَمَعْنَى النَّحْرِ: إِصَابَةُ النحْرِ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ بِالآلةِ الَّتِي يُنْحَرُ بِهَا.
¬__________
(¬205) فى الغريبين 2/ 454.
(¬206) من قوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} سورة البقرة آية 198.
(¬207) ع: على التحلل. وفى المهذب 1/ 228: التلبية للإحرام فإذا رمى فقد شرع فى التحلل.
(¬208) شرعا و: ساقط من ع والمثبت من خ والصحاح (شرع).
(¬209) خ: أى والمثبت من ع والصحاح.
(¬210) ع: فى وفى المهذب 1/ 228: وإن رمى حصاة فوقعت على محمل أو أرض فازدلفت ووقعت على المرمى: أجزأه.
(¬211) ص 209.
(¬212) فى غريب الحديث 2/ 53 ونقله الجوهرى فى الصحاح (زلف).
(¬213) فى المهذب 1/ 228: روى ابن عباس (ر) أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على النساء حلق إنما على النساء تقصير" قال الشيرازى: ولأن الحلق فى النساء مثله.
(¬214) فى الصحاح (مثل).
(¬215) ع: الجمع.
(¬216) جاء رجل الى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لم أشعر فنحرت قبل أن أرمى فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ارم ولا حرج". والمهذب 1/ 228.
(¬217) ع: جهة: تحريف.
(¬218) فى المهذب 1/ 228: روى ابن عباس (ر) قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل حلق قبل أن يذبح أو قبل أن يرمى فكان يقول: "لا حرج لا حرج".
(¬219) الصحاح (حرج).
(¬220) ع: العطية: تحريف. والمثبت من خ والفائق 1/ 273 والمحكم 3/ 51.
(¬221) المحكم 3/ 50 والصحاح (حرج).
(¬222) ع: عليكم.
(¬223) ع: أى: قدر لكم.
(¬224) سويد بن عامر المصطلقى كما ذكر ابن برى، ونقله فى اللسان (منى 4282). ونسب الشطر الثانى لأبى قلابة الهذلى. والبيت فى الفائق 3/ 390 وفيه ما يؤكد أنه لسويد فقد ذكر عن مسلم الخزاعى قال: كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنشد ينشده. . . . البيت، فقال - صلى الله عليه وسلم -: لو أدرك هذا الإسلام، فبكى أبى، فقلت: أتبكى لمشرك مات فى الجاهلية؟ قال أبى والله ما رأيت مشركة تلقفت من مشرك خيرا من سويد بن عامر. والبيت من غير نسبة فى معجم ما استعجم 1262 والنهاية 4/ 368 وانظر الزاهر 2/ 159 وديوان الهذليين 3/ 39.

الصفحة 211