كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَسُمِّىَ مَسْجِدُ الْخَيْفِ (¬242): قَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬243): الْخَيْفُ: مَا انْحَدَرَ مِنْ غِلَظِ الْجَبَلِ، وَارْتَفَعَ عَنْ مَسِيلِ الْمَاءِ، وَمِنْهُ سُمِّىَ مَسْجِدُ الْخَيْفِ بِمِنىً، وَقَدْ أخَافَ الْقَوْمُ: إذَا أتَوْا خَيْفَ مِنىً فَنَزَلُوهُ.
وَقَدْ ذَكَرْتُ سَبَبَ تَسْمِيَةِ "أيَّامِ التَشْرِيقِ" (¬244) فِى الصَّوْمِ (¬245)، وَنُعِيدُهُ مُخْتَصَرًا. قِيلَ: مِنْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ، وَهُوَ: تَقْدِيدُهُ، وَالْقَدُّ: الشَّقُّ طُولًا (¬246) وَقِيلَ: مِنْ تَشْرِيقِهِ بِالشَّمْسِ وَتَجْفِيفِهِ. وَقِيلَ: لِقَوْلِهِمْ "أَشْرِقْ ثَبِيرْ" (¬247). حَكَاهُ يَعْقُوبُ (¬248). وَقِيْلَ: لِأنَّ الْهَدْىَ لَا يُنْحَرُ حَتى تُشْرِقَ الشمسُ، قَالَه ابْنُ الأعْرَابِىِّ (¬249).
وَحَلَلْتُ أَنَا مِنَ الإِحْرَامِ أُحِلُّ، وَحَلَّ غَيْرِى يَحِلُّ: إذَا قَضَى فُرُوضَ الْحَجِّ فَصَارَ حَلَالًا، أَىْ: حَلَّ لَهُ كُلُّ شَىْءٍ مُنِعَ مِنْهُ فِى الإحْرَامِ.
وَسُمِّيَتْ مَكَّةُ: لِأنَّهَا تَمُكُّ الأجْسَامَ وَالذُّنُوبَ، أىْ: تَفنِيهَا، مِنْ قَوْلِهِمْ: امْتَكَّ الْفَصِيلُ مَا فِى ضِرْعَ أمِّهِ، أَيْ: أَفْنَاهُ، وَقِيلَ: لأنَّهَا تَمُكُّ الظَّالِمَ الَّذِى يَظْلِمُ فِيهَا، أَيْ: تُهْلِكُهُ (¬250)، وَأنْشَدُوا (¬251):
يَا مَكَةُ الْفَاجِرَ مُكِّى مَكَّا ... وَلَا تَمُكِّى مَذْجِحًا وَعَكَّا
وَقِيلَ: لِأنَّهَا تُجْهِدُ أَهلَهَا. وَقِيلَ: لِقِلَّةِ الْمَاءِ بِهَا (¬252) وَيُقَالُ أَيْضًا: بَكَّةُ، وَهُوَ الَّذِى نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ (¬253) مَأخُوذٌ مِنْ تَبَاكِّ الناسِ فِيهَا، أَيْ: تَضَايُقِهِمْ وَتَضَاغُطِهِمْ (¬254).
الأيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ" (¬255): هِىَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ (¬256)، وَ"الأيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ" (¬257) هِىَ الْعَشرُ، وَآخِرُهَا: يَوْمُ النَّحْرِ. قَالَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ (¬258).
قَوْلُهُ: "يَنْزِلُ بِالْمُحَصَّبِ" (¬259) سُمِّىَ الْمُحَصَّبُ؛ لِاجْتِمَاعِ الْحَصَى فِيهِ؛ لِأنَّه مَوْضِعٌ مُنهَبِطٌ. وَالسَّيْلُ يَحْمِلُ (إلَيْهِ) (¬260) الْحَصْبَاءَ (¬261) مِنَ الجِمَارِ.
قَوْلُهُ: "يَقِفَ فِى الْمُلْتَزَمِ" (¬262) هُوَ (¬263) مُفْتَعَلٌ مِنَ اللُّزُومِ للشَّىْءِ وَتَرْكِ مُفَارَقَتِهِ، يُقَالُ: أَلْزَمْتُهُ الشَّىْءَ فَالْتَزَمَهُ، وَالالْتِزَامُ الاعْتِنَاقُ (¬264).
قَوْلُهُ (¬265): "وَإلَّا فَمِنَ الآنَ" فِيهِ رِوَايَتَانِ: كَسْرُ الْمِيمِ وَفَتْحُ النُّونِ وَالتَّخْفِيفُ، عَلَى أَنَّهَا حَرْفُ
¬__________
(¬242) مسجد الحيف بمنى، وهر خيف بنى كنانة، وقد ورد فى الحديث عن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله أين تنزل غدا فى حجتك؟ قال: هل ترك لنا عقيل منزلا؟ نحن نازلون بخيف بنى كنانة حيث تقاسمت قريش على الكفر. انظر معجم ما استعجم 526 والمشترك وضعا والمفترق صقعا 165 ومراصد الإطلاع 495.
(¬243) فى الصحاح (خيف).
(¬244) ص 117.
(¬245) فى الصوم ليس فى ع.
(¬246) الصحاح (قدد).
(¬247) أشرق ثبير كيما نغير. كما فى إصلاح المنطق 378 والصحاح (شرق) والنهاية 2/ 464 وغريب ابن الجوزى 1/ 533 والفائق 2/ 235.
(¬248) ابن السكيت فى إصلاح المنطق 378.
(¬249) عن الصحاح (شرق) وانظر غريب الحديث 3/ 452، 453 والفائق 2/ 232 والنهاية 464.
(¬250) ع: تهلك.
(¬251) من غير نسبة هى الزاهر 2/ 112 واللسان (مكك 4248).
(¬252) انظر الزاهر 2/ 112 ومجاز القرآن 1/ 97 ومعاني الفراء 1/ 227 ومعاني الزجاج 1/ 154 وتفسير غريب القرآن 107 ومعجم ما استعجم 269، 270 وتهذيب اللغة 9/ 464 والغريبين 1/ 202 وغريب الخطابى 2/ 428، 3/ 71 واللسان (مكك 4249).
(¬253) فى قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} آل عمران 96.
(¬254) انظر المراجع السابقة فى تعليق (252).
(¬255) فى قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} البقرة 203.
(¬256) تفسير الطبرى 4/ 208 - 215 ومجاز القرآن 1/ 7 ومعانى القرآن للفراء 1/ 122 وتفسير غريب القرآن 80.
(¬257) فى قوله تعالى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} الحج 28.
(¬258) تفسير الطبرى 4/ 211 - 215 وتفسير غريب القرآن 292.
(¬259) فى المهذب 1/ 231: ويستحب إذا خرج من منى أن ينزل بالمحصب.
(¬260) من ع.
(¬261) فى ع: الحصى.
(¬262) فى المهذب 1/ 232 فالمستحب أن يقف فى الملتزم وهو ما بين الركن والباب فيدعر. . . إلخ.
(¬263) ع: وهو.
(¬264) الصحاح (لزم) والملتزم: ما بين الحجر الأسود والباب من الكعبة المعظمة. مراصد الإطلاع 1305.
(¬265) فى الدعاء عند الملتزم: فازدد عنى رضى وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك دارى هذا أوان انصرافي إن أذنت لى. . . إلخ.

الصفحة 213