كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

جَرٍّ. وَالرِّوَايَةُ الأُخْرَى "فَمُنَّ الآنَ" بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، مِنَ الْمَنِّ وَالإِحْسَانِ، فِعْلُ (طَلَبٍ) (¬266) بِلَفْظِ الأمْرِ. وَالآنَ: هُوَ الزَّمَانُ الْحَاضِرُ، أَىْ: هَذِهِ السَّاعَةُ. وَقِيلَ: الآنَ (حَدُّمَا) (¬267) بَيْنَ الزَّمَانَيْن، الْمَاضِى وَالْمُسْتَقْبَلِ (¬268).
قَوْلُهُ: "قَبْلَ أَنَّ تَنْأى (عَنْ بَيْتِكَ دَارِى) تَنْأَى" (¬269) تَبْعُدُ، وَالنَّأْىُ: الْبُعْدُ، يُقَالُ: نَأْى يَنْأَى: إذَا بَعُدَ.
قَوْلُهُ: "وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ" (¬270) أَىْ: كَارِهٍ، يُقَالُ: رَغِبَ عَن الشَّىْءِ: إِذَا كَرِهَهُ، وَرَغِبَ فِيهِ: إذَا طَلَبَهُ وَأَرَادَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} (¬271) أَىْ: كَرِهَهَا (¬272)، وَقَدْ ذُكِرَ (¬273).
أَصْلُ الْوَدَاعِ وَالتَّوْدِيعِ: تَرْكُ الشَّىْءِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} (¬274) أَىْ: (مَا) (¬275) تَرَكَكَ وَلَا أبْغَضَكَ. وَالْحَاجُّ (¬276) يُوَدِّعُ الْبَيْتَ، أَىْ: يَتْرُكُهُ بَعْدَ فَرَاغِ مَنَاسِكِهِ، وَيَنْصَرِفُ إلَى أَهْلِهِ. وَحَجَّةُ الْوَدَاعِ سُميَتْ بِذَلِكَ؛ لِأنَّ النَّبِىَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَغُدْ بَعْدَهَا إِلَى مَكَةَ.
قَوْلُهُ: "يَلِيقُ بِالْحَالِ" (¬277) أَىْ: يُوَافِقُ وَيَحْسُنُ فِيهِ.
* * *
¬__________
(¬266) ما بين القوسين: ساقط من ع.
(¬267) انظر كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 140 وتهذيب اللغة 15/ 546 والمصباح (أوان).
(¬268) ما بين القوسين ساقط من ع.
(¬269) فى الدعاء: غير مستبدل بك لا ببيتك ولا راغب عنك لا عن بيتك وفى خ: غير راغب.
(¬270) سورة البقرة آية 130.
(¬271) تفسير الطبري 3/ 89.
(¬272) ص: 8، 130، 190.
(¬273) سورة الضحى آية 3.
(¬274) ما: ليس فى خ.
(¬275) ع: فالحاج.
(¬276) فى الدعاء: أنه قد روى عن السلف؛ ولأنه دعاء يليق بالحال. المهذب 1/ 232.
(¬277) ......................
بَابُ الْفَوَاتِ وَالِإحْصَارِ
الْحَصْرُ: الْمَنْعُ وَالتَّضْيِيقُ، حَصَرَهُ يَحْصُرُهُ حَصْرًا: ضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَأَحَاطَ بِهِ، وَالْحَصْرُ: الضِّيقُ وَالْحَبْسُ (¬1) وَالْحَصِيرُ: الْمَحْبِسُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} (¬2) أَىْ: مَحْبِسًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (¬3) أَىْ: ضَاقَتْ.
قَوْلُهُ (¬4): "الْحَجُّ عَرَفَةُ" لَا يَجُوزُ فِى الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يُخْبَرَ بِالاسْمِ عَن الْمَصْدَرِ، فيُحْمَلُ هَذَا عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، كَأنَّهُ أرَادَ: الْحَجُّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} (¬5) قَالُوا: تَقْدِيرُهُ: الْبِرُّ: بِرُّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ (¬6). وَاللهُ أَعْلَمُ.
¬__________
(¬1) عن الصحاح (حصر) وفى المصباح: حصره العدو حصرا من باب قتل: أحاطوا به ومنعوه من المضى لأمره، وحصر الصدر حصرا من باب تعب: ضاق.
(¬2) سورة الإسراء آية 8 وانظر العمدة 180 والعين 3/ 114 وتهذيب اللغة 4/ 234 والمحكم 3/ 103 وأفعال السرقسطى 1/ 357.
(¬3) سورة النساء آية 90 وانظر مجاز القرآن 1/ 136 ومعاني القرآن للفراء 1/ 282 وتفسير غريب القرآن 134.
(¬4) فى المهذب 1/ 233 الوقوف معظم الحج والدليل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحج عرفة".
(¬5) سورة البقرة آية 177.
(¬6) كذا فى معاني الفراء 1/ 104 ومعاني الزجاج 1/ 232 وتفسير الطبرى 3/ 339 ومجاز القرآن 1/ 65.

الصفحة 214