كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

ومن باب السواك
قَوْلُهُ: "لَا تَدْخُلُوا عَلَىَّ قُلْحًا" (¬1) هُوَ جَمْعُ أقْلَحَ، يُقَالُ: رَجُل أقْلَحُ وَقَوْم قُلْحٌ. وَالْقَلَحُ: صْفِرَارُ الْأسْنَانِ وَوَسَخ يَرْكَبُهَا وَيُغَيِّرُهَا مِنْ تَرْكِ السِّوَاكِ، قَالَ الشَّاعِرُ (¬2):
قَدْ بَنَى اللُّؤْمُ عَلَيْهِمْ بَيْتَهُ ... وَفَشَا فِيهِمْ مَعَ اللُّؤْم الْقَلَح
قَوْلُهُ: "الأزْمُ" (¬3) فَسَّرهُ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ: تَرْكُ الأَكْلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬4): أَزَمَ عَنِ الشَّيْىءِ: أَمْسَكَ عَنْهُ، وَقَالَ أَبْو زَيْد: الآزِمُ: الَّذِي ضَمَّ شَفَتَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ عُمَرَ - رَضيَ اللهُ عَنْهُ - سَأَلَ الْحَارِثَ بْنَ كَلْدَةَ (¬5): (¬6) مَا الدَّوَاءُ؟ فَقَالَ: الأزْمُ (¬7) يَعْنِى الحِمْيَةَ، وَهُوَ تَرْكُ الأَكْلِ، كَمَا قَالَ الشَّيْخُ. وَمِنْ هَذَا قِيلَ لسَنَةِ الْجَدْبِ وَالْمَجَاعَةِ: أَزمَةٌ (¬8) (وَأَزمَتِ الدَّابَةُ عَلَى اللَّجَامِ: إِذَا أَمْسَكَتْهُ بِأَسْنَانِهَا كَأَنهَا تَعَضُّهُ) (¬9) وَدَبَّةٌ أَزْومٌ: تَعَضُّ لِجَامَهَا بِأسْنَانِهَا (¬10).
قَوْلُهُ (¬11): "يَشُوصُ فَاهُ بِالسَّوَاكِ" أَيْ: يَغْسِلُهُ، وَالشَّوْصُ: الْغَسْلُ وَالتَّنْظِيفُ (¬12). وَفِي الْفَائِقِ (¬13): الشَّوْصُ: وَجَعُ الضِّرْسِ. وَشَاصَ فَاهُ بِالسِّوَاكِ: اذَا اسْتَاكَ مِنْ سُفْلٍ إلَى عُلْوٍ (¬14). وَمَعْنَاهُ: يُنَقِّى أسْنَانَهُ وَيَغْسِلُهَا، يُقَالُ: شُصْتُهُ وَمُصْتُهُ (¬15). وَقَالَ أبو عُبَيْدٍ (¬16): شُصْتُ الشَّيْىءَ: نَقَّيْتُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْأعْرَابِيَّ: الشَّوْصُ وَالدَّلْكُ والْمَوْصُ: الْغَسْلُ (¬17).
قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ (¬18): "لَخلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ" يُقَالُ: خَلَفَ فُوُهُ خُلُوفَةً وَخُلُوفًا (¬19). وَأَخْلَفَ إِخْلَافًا: إذَا تَغَّير. قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ (¬20):
¬__________
(¬1) في المهذب 1/ 13 قال - صلى الله عليه وسلم -: "استاكوا لا تدخلوا على قلحا".
(¬2) الأعشى ديوانه 259 وغريب أبي عبيد 2/ 244 وتهذيب اللغة 4/ 51 وأفعال السرقسطي 2/ 120.
(¬3) في المهذب 1/ 13: تغير الفم قد يكون من النوم، وقد يكون بالأزم وهو ترك الأكل.
(¬4) في الصحاح (أزم).
(¬5) طبيب العرب المشهور، وهو ابن عمرو بن علاج الثقفى، من أهل الطائف. توفى نحو 50 هـ ترجمته في طبقات الأطباء 1/ 109 ومعجم الشعراء 172.
(¬6) ما: ساقطة من ع.
(¬7) الحديث في غريب أبي عبيد 3/ 330 والفائق 1/ 42 والنهاية 1/ 46 وغريب ابن الجوزي 1/ 25.
(¬8) شرح ألفاظ المختصر لوحة 5 وتهذيب اللغة 13/ 274 وغريب الحديث 3/ 330 والغريبين 1/ 45.
(¬9) ما بين القوسين من ع وشرح ألفاظ المختصر وتهذيب اللغة وفي خ: وأزم الدابة على اللجام كأنه أمسكه بأسنانه.
(¬10) المراجع تعليق 8.
(¬11) في المهذب 1/ 13: كان - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك. والحديث في صحيح البخاري 1/ 70 ومسلم 1/ 220 وسنن ابن ماجة 1/ 105 وغريب أبي عبيد 1/ 260 والفائق 4/ 93 والنهاية 2/ 509.
(¬12) والتنظيف: ساقط من ع.
(¬13) 2/ 269.
(¬14) من سفل إلى علو: ليس في ع ومكانه: فِي فِيهِ: تحريف.
(¬15) من الفائق 4/ 93 وانظر حاشية التحقيق.
(¬16) غريب الحديث 1/ 260 وعبارته: وكل شىء غسلته فقد شصته تشوصه شوصا.
(¬17) تهذيب اللغة 11/ 385.
(¬18) في الحديث: ليس في ع وفي المهذب 1/ 13 عن أبي هريرة (ر) أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: "لخلوف. . . الحديث وانظر صحيح مسلم 3/ 157 والمسند 1/ 346 وصحيح الترمذي 3/ 294 وسنن ابن ماجة 1/ 525 وغريب أبي عبيد 1/ 327 والفائق 1/ 387 والنهاية 1/ 67.
(¬19) خلوفة وخلوفا: ليس في ع.
(¬20) النقل عن الفائق 1/ 387 وكذا الرواية في تهذيب اللغة 2/ 382 والمحكم 2/ 108 وعجزه:
"وَتَنَكَرَ الإِخْوَان وَالدَّهْرُ" كما في الفائق وفي المحكم: تبَدَّلَ.
ورواية الديوان ص 95: بَانَ الشَّبَابُ وَأفْنَى ضِعْفهُ العُمُرُ ... للهِ دَرُّكَ أَيُّ الْعَيْش تَنْتَظِرُ

الصفحة 22