كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

أصْبَحَ قَلْبِى صَرِدًا * لَا يَشْتَهِى أنْ يَرِدَا * إلَّا عَرَادًا عَرِدَا * وَصِلِّيَانًا بَرِدَا (¬47) * وَعَنْكَثًا (¬48) مُلْتَبِدَا لِأنَّ الضبَّ لَا يَشْرَبُ مَاءً (¬49). و (مَحْنُوذًا) أَىْ: مَشْوِيًّا، قَالَ الله تَعَالَى: {أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (¬50) وَذَكَرَ فِى الصَّحَاحِ: حَنَذْتُ الشَّاةَ أحْنِذُهَا حَنْذًا، أَىْ: شَوَيْتُهَا، وَجَعَلْتُ فَوْقَهَا حِجَارَةً مُحْمَاةً، لِتُنْضِجَهَا فَهِىَ (¬51) حَنِيذٌ.
قَوْلُهُ (¬52): (فَأَجِدُني أعَافُهُ) أَىْ: أَكرَهُهُ، يُقَالُ: عَافَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ وَالْمَاءَ يَعَافُهُ، أَيْ: كَرِهَهُ، فَلَمْ يَشْرَبْهُ، فَهُوَ عَائِفٌ، قَالَ (¬53):
إِنِّى وَقَتْلِى كُلَيْبًا ثُمَّ أَعْقِلَهُ ... كَالثَّوْرِ يُضْرَبُ لَمَّا عَافَت الْبَقَرُ
وَأمَّا "الدُّبُّ" (¬54) فَسَبُعٌ ذُو شَعَرٍ أَسْوَدُ طَوِيلٌ، يَكَادُ يَصِلُ الْأَرْضَ، أَكْبَرُ مِنَ الْكَلْبِ. وَأَمَّا ابْنُ آوَى: فَهُوَ الَّذِى يُسَمَّى باليمن (¬55) (الشَّفْتُ) وَقَوْمٌ يُسَمُّونَهُ. الْعَكْشَ، كَرِيهُ الرَّائِحَةِ، يَظْهَرُ بِالَّليْلِ.
قَوْلُهُ: "حَشَرَاتِ الأَرْضِ" (¬56) هِىَ صِغَار دَوَابِّ الْأَرْضِ، الْوَاحِدَةُ: حَشَرَةٌ بِالتَّحْرِيكِ. وَأمَّا الصَّراصِرُ (¬57)، فَهُوَ الَّذِى يَصِيحُ بِالَّليْلِ، سُمِّىَ بِصَوْتِهِ. الْوَاحِدَةُ: صَرَّارَةٌ (¬58) وَقَالَ (¬59) الْجَوْهَرِىُّ (¬60): صَرَّارُ الْليْلِ: الْجُدْجُدُ وَهُوَ (¬61) أكْبَرُ مِنَ الْجُنْدَبِ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُسَمِّيهِ الصَّدَى.
وَ (الْعَظَاءُ) مَمْدُودٌ، جَمْعُ عَظَاءَةٍ، وَهِىَ: دُوَيبةٌ أَكْبَرُ مِنَ الْوَزَغَةِ، يُقَالُ لِلْوَاحِدَةِ: عَظَاءَةٌ وَعَظَايَةٌ (¬62) وَتُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ بِالْيَمَنِ: السُّحَلَ وَالْبُرَمَ أَيْضًا. وَقَالَ الأزْهَرِىُّ (¬63): هِىَ هُنَيَّةٌ مَلْسَاءُ، تَعْدُو وَتَتَرَدَّدُ كَثِيرًا، تُشْبِهُ سَامَّ أبْرَصَ، لَا تُؤْذي، وَهِىَ أحسَنُ مِنْهُ. وَ (الْعَنَاكِبُ) جَمْعُ عَنْكَبُوتٍ، وَهِىَ الَّتِى تنسج الخيط (¬64).
وَأمَّا (سَامُّ أَبْرَصَ) مُشَدَّدُ الْمِيمِ فَمَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ: سَوَامُّ أَبْرَصَ (¬65)، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ (¬66)، وَهُوَ مِنْ كبارِ الْوَزَغِ، وَهُوَ اسْمَانِ جُعِلَا (¬67) اسْمًا وَاحِدًا، يجوزُ بِنَاؤهُ عَلَى الْفَتْحِ كَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَيَجُوزُ إِعْرَابُ الأوَّلَ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى الثَّاني، وَإِنْ شِئْتَ (¬68) بَنَيْتَ الْأوَّلَ عَلَى الْفَتْحِ وَأعْرَبْت الثَّانىَ بِإعْرَابِ الْأوَّلِ، وَلَا يُصْرَفُ (¬69).
¬__________
(¬47) بردًا: كذا فى الصحاح واللسان، قال الصغاني: تصحيف زردا وهو السريع الأزدراد التكملة.
(¬48) ع: عثكبا: تحريف.
(¬49) ما سبق برمته عن الصحاح.
(¬50) سورة هود آية 69 وانظر مجاز القرآن 2/ 292 ومعانى الفراء 2/ 21 وتفسير غريب القرآن 205.
(¬51) ع: وهى.
(¬52) من قوله - صلى الله عليه وسلم - فى الضب: "لم يكن بأرض قومى فأجدنى أعافه المهذب" 1/ 247.
(¬53) أنس بن مدرك الخثعمى كما فى فصل المقال 387 ومجمع الأمثال 3/ 23 والعباب 462 حرف الراء وفى اللسان أن بن مدرك الخثعمى والرواية (سليكا) فى فصل المقال، ومجمع الأمثال والصحاح والباب وفى اللسان (كليبا). وأنس بن مدرك الخثعمى هو قاتل سليك بن السلكة كما ذكر القالى فى فصل المقال.
(¬54) فى المهذب 1/ 248: ولا يحل ما يتقوى بنابه ويعدو على الناس وعلى البهائم كالأسد والذئب والنمر والدب. . وفى ابن آوى وجهان. . . . إلخ.
(¬55) ع: فى اليمن.
(¬56) فى المهذب 1/ 248: ولا يحل أكل حشرات الأرض، كالحيات والعقارب والفأر والخنافس والعظاء والصراصر والعناكب الوزغ وسام أبرص والجعلان والديدان وبنات وردان وحمار قبان لقوله عز وجل: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}.
(¬57) ع: الصرائر: تحريف.
(¬58) واحد الصَّرَاصِرِ: صَرْصَر كَفَدْفَد وفَدَافِد، أما صَرارة فواحدة الصَّرار.
(¬59) ع: قال.
(¬60) فى الصحاح (صرر).
(¬61) وهو: ساقط من ع.
(¬62) الصحاح (سحل) والعين 2/ 228 وتهذيب اللغة 3/ 146 والمحكم 2/ 163، 164 والمصباح (عظى).
(¬63) ع: الجوهرى خطأ وهو للأزهرى فى شرح ألفاظ المختصر لوحة 183.
(¬64) الصحاح (عكب) وانظر العين 2/ 309 وتهذيب اللغة 3/ 309 والمحكم 2/ 299.
(¬65) ع: لا.
(¬66) يقصد (أبرص) لأنه مضاف إلى اسم معروف، قال ابن السكيت: هذا سام أبرص وهذان ساما أبرص وهلالاء سوام أبرص. وإن شئت: هؤلاء السوام، وإن شئت قلت: هؤلاء البرصة. إصلاح المنطق 176 وانظر الصحاح (برص) والعين 7/ 119 والفصيح 304.
(¬67) ع: جعل. وفى الصحاح والمصباح واللسان (برص 258): وهما اسمان جعلا اسما واحدا.
(¬68) ع: جعل. ثنيت: تحريف.
(¬69) الصحاح (برص) واللسان (برص 258).

الصفحة 225