كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ (¬137): {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} (¬138) بَاغٍ: يَأْكُلُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) (وَعَادٍ) (¬139) مُتَجَاوِزٍ حَدَّ سَدِّ الرَّمَقِ وَالرَّمَقُ: آخِرُ النَّفْسِ وَبَقِيَّتُهَا، وَمِثْلُهُ (¬140): الْحُشَاشَةُ وَالذَّمَاءُ (¬141). وسَدُّ الرَّمَقِ. اخْتَلَفَ السَّمَاعُ فِيهِ بِالسِّينِ وَالشِّينِ، فَمَنْ قَالَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، فَهُوَ مِنْ سَدِّ الثُّلْمَةِ، وَسَدِّ الثَّقبِ، أي: خَتْمُهُ، كَأْنَّهُ سَدَّ مَخْرَجَ الرُّوحِ بِالأَكْلِ. وَمَنْ قَالَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، فَهُوَ مِن شَدَّهُ بِالْحَبْلِ: إِذَا رَبَطَهُ وَمَنَعَهُ، كَأنَّهُ شَدَّ الرُّوحَ وَرَبَطَهُ وَمَنَعَهُ عَن الْخُرُوجِ (¬142).
قَوْلُهُ: "الأَكِلَةُ" (¬143) عِلَّةٌ يَحْدُثُ مِنْهَا جُرْحٌ يَتَأَكَّلُ (¬144) مِنْهُ الْبَدَنُ.
قَوْلُهُ: "تَزِيدُ فِى الِإلهَابِ" (¬145) قَالَ فِى الصَّحَاحِ: اللُّهْبَةُ بِالتَّسْكِينِ: الْعَطشُ، وَقَدْ لَهِبَ بِالكَسْرِ يَلْهَبُ لَهَبًا، وَأَصْلُهُ مِنْ لَهَبِ النَّارِ وَتَلَهُّبِهَا، وَهُوَ: إِيقَادُها وَحَرُّهَا، شَبَّهَ شِدَّةَ الْعَطَشِ بِهِ.
* * *
¬__________
(¬137) فى المهذب 1/ 250: ومن اضطر إلى أكل الميتة أو لحم الخنزير فله أن يأكل منه ما يسد به الرمق لقوله تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ. . .} الآية.
(¬138) سورة البقوة آية 173 وسورة الأنعام آية 145 وسورة النحل آية 115.
(¬139) خ: عاد.
(¬140) انظر معاني الزجاج 1/ 228، 229 وتفسير الطبرى 3/ 321 - 326 ع: ومثلها.
(¬141) الرمق والحشاشة وَالذَّمَاءُ: بقية الروح فى الجسد.
(¬142) جعل الروح مذكرا والصحيح أنها مؤنث إذا كانت بمعنى النفس قال ابن الأنبارى: الروح والنفس واحد غير أن العرب تذكر الروح وتؤنث النفس. وانظر المصباح والصحاح (روح) والمذكر والمؤنث لابن فارس 54 ولابن التسترى 79.
(¬143) فى المهذب 1/ 251: يجوز أن يقطع عضوا إذا وقعت فيه الأكلة.
(¬144) المحكم 7/ 67 واللسان (أكل 102) يتأكل: أى يأكل بعضه بعضا.
(¬145) فى المهذب 1/ 251: فى المضطر يشرب الخمر: وإن اضطر إلى شربها للعطش لم يجز لأنها تزيد فى الإلهاب والعطش.
مِنْ بَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِح
الصَّيْدُ: هُوَ (¬1) اسْمٌ لِلْمَصِيدِ. وَقَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِىٍّ الأصْبَهَانيُّ (¬2): الصَّيْدُ: مَا كَانَ مُمْتَنِعًا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالِكٌ: وَكَانَ حَلَالًا أكْلُهُ، فَإذَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْخِلَالُ: فهُوَ صَيْدٌ.
قَوْلُهُ (¬3): {الْمُنْخَنِقَةُ} الَّتِى تَخْتَنِقُ (¬4) فَتَمُوتُ (¬5). {وَالْمَوْقُوذَةُ} الَّتِى تُضْرَبُ حَتَّى تَمُوتَ (¬6)، يُقَالُ: وَقَذَهُ يَقِذُهُ وَقْذًا: ضَرَبَهُ حَتَّى اسْتَرْخَى وَأشرَفَ عَلَى الْمَوْتِ (¬7) {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} الَّتِى تَتَرَدَّى مِنَ الْجَبَلِ فَتَسْقُطُ (¬8) {وَالنَّطِيحَةُ} الَّتِى تَنْطَحُهَا صَاحِبَتُهَا فَتَمُوتُ (¬9).
وَالذَّكَاةُ: الذَّبْحُ، وَكَذَلِكَ التَّذْكِيَةُ، وَالذَّكَاءُ فِى اللغَةِ: تَمَامُ الشَّىْءِ وَكَمَالُهُ، وَمِنْهُ الذَّكَاءُ فِى السِّنِّ وَالْفَهْمِ: (تَمَامُهُمَا) (¬10) وَفَرَسٌ مُذَكٍّ: اسْتَتَمَّ قُرُوحَهُ، فَذَلِكَ تَمَامُ قُوَّتِهِ (¬11). وَرَجُلٌ ذَكِىٌّ: تَامُّ الْفَهْمِ،
¬__________
(¬1) هو: ليس فى ع.
(¬2) صاحب المذهب الظاهرى توفى سنة 270 هـ انظر ترجمته فى وفيات الأعيان 1/ 175 وشذرات الذهب 2/ 158 والنجوم الزاهرة 3/ 47 وميزان الاعتدال 2/ 14.
(¬3) فى المهذب 1/ 251: لا يحل شيء من الحيوان المأكول سوى السمك والجراد إلا بذكاة لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ...} الآية 3 من سورة المائدة.
(¬4) ع: تخنق.
(¬5) مجاز القرآن 1/ 151 ومعانى الفراء 1/ 301 ومعانى الزجاج 2/ 158 وتفسير غريب القرآن 140 وتفسير الطبرى 9/ 489.
(¬6) المراجع السابقة وتهذيب اللغة 9/ 262 والنهاية 5/ 212.
(¬7) الصحاح والمصباح (وقذ) ومجاز القرآن 1/ 151 ومعانى الزجاج 2/ 158.
(¬8) مجاز القرآن 1/ 151 ومعانى الفراء 1/ 301 وتفسير غريب القرآن 140.
(¬9) مجاز القرآن 1/ 151 ومعاني الفراء 1/ 301 ومعانى الزجاج 2/ 158 قال: وهى التى تَنْطِحُ أو تُنْطَحُ فتموت، وتفسير غريب اللغة القرآن 140 وتفسير الطبرى 9/ 449.
(¬10) خ: تمامها.
(¬11) العين 5/ 399 وتهذيب اللغة =

الصفحة 229