كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَالَ: {إِلَى الْمَرَافِقِ} أَمَرَهُ بِالْغُسْلِ مِنْ حَدِّ الْمِرْفَقِ الَى أطْرَافِ الأصَابِع. كأنَّهُ (¬46) لَمَّا ذَكَرَ اليَدَ كُلَّهَا أَرَادَ أنْ يَحُدَّ مَا يُغْسَلُ مِنْ غَيْرِهِ (¬47)، فَجَعَلَ حَدَّ الْمَغْسُولِ: الْمَرَافِقِ، وَمَا زَادَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي حَدَّ الْمَرَافْقِ فَالْمَرَافِقُ مُنْقَطِعَةٌ عَمَّا لَا يُغْسَلُ، دَاخِلَةٌ فِيمَا يُغْسَلُ (¬48).
والْمِرْفَقُ: مَفْصِلُ مَا بَيْنَ العَضُدِ وَالسَّاعِدِ (¬49)، يُقَالُ فِيهِ: مَرفِقٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، وَمِرْفَقٌ بِكَسْرِ المِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ: لُغَتَانِ جِيِّدَتَانِ (¬50) وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِى يَرْتَفِقُ عَلَيْهِ المُتَكِىءُ إِذَا أُلْقَمَ رَاحَتَه رَأَسَهُ وَثَنَى رَاحَتَهُ، اتَّكَأ عَلَيْهِ (¬51).
قَوْلُهُ (¬52): "كَشَطَ جِلْدَهُ" أَيْ نَزَعَهُ، يُقَالُ: كَشَطْتُ الْبَعِيرَ كَشْطًا: نَزَعْتُ جِلْدَهُ، وَلَا يُقَالُ: سَلَخْتُ (¬53).
قَوْلُهُ: "مُتَجَافِيًا" (¬54) أيْ مُرْتَفِعًا غَيْرَ لَاصِقٍ.
قَوْلُهُ: "وَالنَّزَعَتَانِ مِنْهُ لِأنَّهُ فِي سَمْتِ النَّاصِيَةِ" (¬55) النَّزَعَتَان بِالتَّحْرِيكِ: هُمَا جَانِبَا الْجَبْهَةِ (¬56)، وَفِى سَمْتِ النَّاصِيَةِ، أيْ: بِحِذَائِهَا، لِأَنَّ النَّاصِيَةَ: الشَّعَرُ الَّذِى فِي أعْلَى الْجَبْهَةِ. وَالصُّدْغَانِ: هُمَا الشَّعَرُ الَّذِى يَتَجَاوَزُ مَوْضِعَ الأذُنِ، الْمُتَّصِلُ بِشَعَرِ الرَّأْس (¬57) يُقَالُ: صُدْغٌ ودسُدْغٌ بِالسَّينِ وَالصَّادِ وَالتَثْقِيلِ وَالتخْفِيفِ (¬58). وَالعِذَارَانِ: الشَّعَرُ الْخفِيفُ الْمُقَابِلُ لِلأذُنِ. وَالْعَارِضَانِ: الشَّعَرُ الْكَثِيفُ تَحْتَ الْعِذَارَيْنِ أسْفَلَ مِنَ الأذُنِ (¬59) وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ (¬60): العِذَارُ: هُوَ مَا بَيْنَ بَيَاض الأُذُنِ وَبَيَاض الْوَجْهِ.
قَوْلُهُ: "مُقَدَّمُ رَأسِهِ" (¬61) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (¬62): مُؤْخِرُ الْعَيْنِ مِثَالُ مُؤْمِنٍ (¬63): الَّذِى يَلِى الصُّدْغَ، وَمُقَدَّمها: الَّذِى يَلِى الأنْفَ؛ وَمُؤَخر الشَّىْءِ- بِالتَّشْدِيدِ: نَقِيضُ (¬64) مُقَدَّمِهِ، يُقَالُ: ضَرَبْتُ مُقَدَّمَ رَأسِهِ وَمُؤَخَّرَةُ. فَفَرَّقَ بَيْنَ الْعَيْن وَالرَّأسِ.
¬__________
(¬46) ع: فكأنه.
(¬47) ع: من يده.
(¬48) عبارة الزجاج: وقد قال بعض أهل اللغة: معناه: مع المرافق. واليد: المرفق دخل فيها، فلو كان: اغسلو أيديكم مع المرفق لم تكن في المرافق فائدة وكانت اليد كلها يجب أن تغسل، ولكنه لما قيل إلى المرافق اقتطعت في الغسل من حد المرفق. والمرفق في اللغة: ما جاوز الإبرة وهو المكان الذى يرتفق به أى: يُتَّكَأُ عَليه على المرفقة وغيرها فالمرافق حد ما ينتهى إليه في الغسل منها، وليس يحتاج إلى تأويل مع.
(¬49) خلق الإنسان للأصمعي 205 وشرح كفاية المتحفظ 199 والفرق لابن فارس 61.
(¬50) اقتصر الأصمعى على كسر الميم وفتح الراء. خلق الإنسان 205 وكذا ابن السكيت في إصلاح المنطق 175 وابن قتيبة في أدب الكاتب 391 وقال الفراء: وأكثر العرب على كسر الميم من الأمر ومن الإنسان، والعرب أيضًا تفتح الميم من مرفق الإنسان لغتان فيهما معاني القرآن 2/ 136. واختار يونس الكسر في يد الإنسان وحمل ابن دريد الفتح على لغة الكوفين، قال: وهى قليلة. انظر جمهرة اللغة 2/ 398 والاقتضاب 204/ 2 وديوان الأدب 1/ 289، 299 واللسان (رفق 1695) والمصباح (رفق).
(¬51) إذا فعل ذلك: كان هو الموضع المتكأ عليه من اليد.
(¬52) في المهذب 1/ 17: لو مسح شعر رأسه ثم حلقه لم يلزمه مسح ما ظهر؛ لأن ذلك ليس ببدل عما تحته كما لو غسل يده ثم كشط جلده.
(¬53) عن الصحاح (كشط) وبعده: لأن العرب لا تقول في البعير إلا كشطته أو جلدته وانظر العين 5/ 289 والمحكم 6/ 421.
(¬54) في المهذب 1/ 17: فإن كان متجافيا عن ذراعه لزمه غسل ما تحته.
(¬55) في المهذب 1/ 17: والرأس ما اشتمل عليه منابت الشعر المعتاد، والنزعتان منه لأنه. . . إلخ.
(¬56) ع: الوجه. والمثبت من خ والصحاح (نزع) ومبادىء اللغة 118 والفرق لابن فارس 52.
(¬57) خلق الإنسان للأصمعى 169 وشرح كفاية المتحفظ 189 ونظام الغريب في اللغة 25 وخلق الإنسان لثابت 76، 79.
(¬58) القلب والإبدال 42 وشرح كفاية المتحفظ 189 واللسان (صدغ 2416).
(¬59) خلق الإنسان للأصمعى 177 ولثابت 179، 198.
(¬60) .....................
(¬61) خ: مقدم الرأس ومؤخره" وفي المهذب 1/ 17: يستقبل الشعر الذى على مقدم رأسه، فيقع المسح على باطن الشعر دون ظاهره ولا يستقبل الشعر من مؤخر رأسه فيقع المسح على ظاهر الشعر.
(¬62) في الصحاح (أخر).
(¬63) ع: مؤجر: والمثبت من خ والصحاح.
(¬64) ع: يقتضى: تحريف.

الصفحة 28