كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "وَيَأخُذُ لِسِمَاخَيْهِ مَاءً جَدِيدًا" (¬65) السِّمَاخُ: مَنْفَذُ الأُذُنِ، وَهُوَ الْخَرْقُ فِيهَا (¬66). وَيُقَالُ هُوَ الأذُنُ نَفْسُهَا، قَالَ الْعَجَّاجُ (¬67).
*حَتَّى إِذَا صَرَّ الصِّمَاخَ الأصْمَعَاَ*
يُقَالُ بالسِّينِ وَالصَّادِ (¬68)، وَكَذَا: الصُّدْغُ (¬69)؛ لِأنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ اجْتَمَعَ فِيهَا السِّينُ وَالْخَاءُ، أوْ الْغَيْنُ أوِ الْقَافُ، أو الطَّاءُ، وَتَقَدَّمَتِ (¬70) السَّينُ، وَكَوْنُ (¬71) الحُرُوفِ بَعْدَهَا: وَلَا يُبَالَى أَثانِيَةً (71) كَانَتْ أمْ ثَالِثَةً أمْ رَابِعَةً بَعْدَ أنْ تَكُونَ بَعْدَهَا - هَذَا قَوْلُ قُطْرُبٍ (¬72) فَإنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُ السَّينِ صَادًا، نَحْوُ سَطَا، وَصَطَا، وَالسِّرَاط وَالصِّرَاط (¬73)، وَسَاغَ الطعَامُ وَصَاغَ، وَسَبَغ وَصَبَغ، وَالسَّاخَّةُ والصَّاخَّةُ والسَّقْرُ والصُقْرُ، وَهِىَ لُغَةُ قَوْم مِنْ بَنِى تَمِيمٍ، يُقَالُ لهُمْ: بَلْعَنْبَرُ (¬74).
قَوْلُهُ: "وَالْكَعْبَانِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ (¬75) عِنْدَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ فِي مُنْتَهَى السَّاقِ عَنْ يَمِبنِ الْقَدَم وَيَسَارِهَا (¬76). يُشِيرُ إلَى خِلَافِ أبِي حَنِيفَةَ، فَإنَّ الْكَعْبَ عِنْدَهُ: هُوَ الْعَظْمُ النَّاتىءُ فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ، وَقَدْ أنْكَرَهُ الأصْمَعيُّ وَأرْبابُ اللُّغَةِ. وَالنَّاتىءُ: الْمُرْتَفِعُ، وَنَتَأَ، أيْ: ارْتَفَعَ وَتَجَافَى فَهُوَ نَاتِىءٌ.
قَوْلُهُ (¬77): "غُرًا مُحَجَّلِينَ" الْغُرَّةُ- بِالضَّمِّ: بَيَاضٌ، فِي جَبْهَةِ الْفَرَس فَوْقَ الدَّرْهَمِ (¬78). وَالتَّحْجِيلُ: بَيَاضُ الْقَوَائِمِ فِي الْفَرَس، أَوْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا، أَوْ فِي رِجْلَيْهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بَعْدَ أَنْ يُجَاوِزَ الْأرْسَاغَ وَلَا يُجَاوِزُ الرُّكْبَتَيْنِ والْعُرْقُوبَيْنِ، لأَنَّهَا مَوَاضِعُ الأَحْجَالِ وَهِىَ الْخَلَاخِيلُ وَالْقُيُودُ (¬79). وَذَكَرَ فِي الْفَائِقِ (¬80): أَنَّهُ أرَادَ مُحَجَّلِينَ مِنْ الْحِلْيَةِ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ "تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ" (¬81).
قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ (¬82): "فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ" أسَاءَ، أيْ: فَعَلَ الْقَبِيحَ السَّىَّءَ، وَهُوَ ضِدُّ
¬__________
(¬65) في المهذب 1/ 18: ويأخذ لسماخيه ماء جَدِيدًا غير الماء الذى مسح به ظاهر الأذن وباطنه. و "ماء جديدا" ليس في ع.
(¬66) خلق الإنسان للأصمعى 170 ولثابت 91 وللزجاج 16 والمحكم 5/ 45.
(¬67) كذا في الصحاح (صمخ) واللسان (صمخ 2495) وليس في ديوان العجاج وهو في ديوان رؤية (مجموع إشعار العرب 91): بَسْلٌ إِذَا صَر الصِّمَاخُ الأصْمَعَا ... وَمَعْمَعت في وَعْكةٍ ومَعْمَعَا.
(¬68) كذا في العين 4/ 192، 206 ونسب الصاد إلى تميم وانظر المحكم 5/ 45 وأفعال السرقسطى 3/ 539.
(¬69) ع: الصبغ: تحريف.
(¬70) ع: وجاءت.
(¬71) ع: ولا تبال ثانية: تحريف.
(¬72) عن الصحاح وقد حاول تغيير نص الصحاح وهو: قال قطرب محمد بن المستنير: إن قوما من بنى تميم يقال لهم بلعنبر يقلبون السين صادا عند أربعة أحرف عند الطاء والقاف والغين والخاء إذا كن بعد السين، ولا تبالى أثانية أم ثالثة أم رابعة بعد أن تكون بَعْدَهَا.
(¬73) في ع بدل السراط والصراط: الصبغ والسبغ.
(¬74) ع: قوله "قوم من تميم" يقال لهم بلعنبر: تحريف لأنه حسبه قولا في المهذب.
(¬75) ع: يلتقيان: تحريف.
(¬76) ع: قوله: "والكعبان" وفي المهذب 1/ 18: والكعبان: هما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم. والزيادة المثبتة في ع وخ ولعل ذلك في نسخة أخرى من نسخ المهذب. وهذا التفسير مذهب كثيرين من أهل اللغة وانظر العين 1/ 235 وتهذيب اللغة 1/ 324 وخلق الإنسان لثابت 320 وللزجاج 48 ومعاني القرآن له 2/ 168 والمحكم 1/ 170 والفرق لابن فارس 61 والمجمل له (كعب). وذهب بعضهم إلى أنه المفصل بين الساق والقدم وهو مذهب المفضل بن سلمة وابن الأعرابى كما في تهذيب اللغة والمحكم. وذهب بعضهم إلى أنه العظم الناشز فوق القدم وقد انكره الأصمعى، وهو مذهب الشيعة كما ذكر الفيومى في المصباح (كتب).
(¬77) في المهذب 1/ 18: والمستحب أن يغسل فوق المرفقين وفوق الكعبين لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تأتى أمتى يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع أن يطل غرته فليفعل" وانظر الحديث في صحيح مسلم 1/ 216 والترمذي 3/ 86 وابن ماجة 1/ 104 والنسائي 1/ 95.
(¬78) نظام الغريب 155 وشرح كفاية المتحفظ 297 ومبادىء اللغة 127.
(¬79) عن الصحاح بنصه (حجل) وانظر العين 3/ 79 وتهذيب اللغة 3/ 55 وغريب الخطابى 1/ 393 وشرح الكفاية 298 ومبادىء اللغة 130 وفقه الثعالبى 79 ونظام الغريب 156 واللسان (حجل 788).
(¬80) 1/ 310.
(¬81) الحديث في الفائق، والنهاية 1/ 435 وغريب ابن الجوزى 1/ 240 براوية "إن الحلية تبلغ إلى مواضع الوضوء".
(¬82) في الحديث ليس في ع. وفي المهذب 1/ 18: أن النبى - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا. ثم قال: "هذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم" والحديث في سنن ابن ماجه 1/ 146 وسنن النسائي =

الصفحة 29